برجس حمود البرجس

توليد الوظائف المجدية

الثلاثاء - 11 يناير 2022

Tue - 11 Jan 2022

فرق شاسع بين طموح وتطلعات ومبادرات الأجهزة الحكومية والمواطنين وبين مبادرات الشركات بالقطاع الخاص فيما يخص الوظائف المجدية والمنتجة والمناسبة للسعوديين، والتي ترتقي للتطلعات. الأجهزة الحكومية عملت كل ما يجب عمله لبناء بيئة عمل ترتقي للتطلعات ولكن القطاع الخاص لا زال يستثمر فقط بالأعمال الخدمية (خدمات وبيع وشراء) ويستورد غالبية السلع والخدمات من الخارج.

السوق مهما كانت نوعيته، ومهما كانت هويته ومجالات استثماراته، إلا أنه يحتاج إلى جزء لا يقل عن 30% منه يعمل على الإنتاجية وأقصد هنا (ابتكار وتصنيع وتصدير) وما شابه، هؤلاء الـ 30% سيحركون بقية السوق حتى الجزء الخدمي منه سيكون أكثر نشاطا وأكثر فعالية.

مسألة الاعتماد على الاستيراد بشكل كبيير تقتل كل الفرص الوظيفية التي عملت على ذلك المنتج قبل وصوله لموانئ السعودية، فمثلا الأجهزة الالكترونية (المعقد منها والبسيط) والأجهزة الكهربائية ومستلزمات المستشفيات وغيرها، نفقد كثيرا من الفرص الوظيفية المناسبة طالما أننا نستوردها من الخارج وبالتالي نفقد حتى فرص التصدير للدول الأخرى.

الفكر الاستثماري التقليدي للتاجر لن يخرج من الأعمال التي تعتمد على العمالة الوافدة بشكل كبير والمقاولات والعقود الخدمية وتجارة الجملة والتجزئة، ولا يملك النفس لتدريب السعوديين، وإن استثمر تجد استثماراته في الأسهم أو العقار أو فرص الاستثمارات الجريئة (وهذا من حقه طبعا) ولكننا نحن هنا نصف الواقع، والشباب المنفتح على البناء الحقيقي لا يملك الخبرة ولا رأس المال البشري، ولا أبعاد إدارات الأعمال الكثيرة.

هناك فجوة كبيرة بين ما وفرته الوزارات والهيئات وبين رواد الأعمال، فالوزارات والهيئات وفرت كل ما يحتاجه قطاع ريادة الأعمال للاستثمار بريادة الأعمال (الأعمال التي تولد وظائف مناسبة للسعوديين وكثيرة)، وبين استيعاب رواد الأعمال ومخاطرهم والثقافة العامة لصعوبات إدارة المنتج دون خبرات سابقة وبين تسويقها.

لدينا فرص كبيرة وكثيرة في الصناعة والتعدين والطاقة وغيرها الكثير، الرواتب هي المحرك الرئيسي للاقتصاد، فالوظائف المناسبة والتي ترتقي لتطلعات المواطنين والمواطنات ستنفق رواتبها في الاقتصاد المحلي على سكن وتعليم وعلاج وشراء وترفيه واستثمار وغيره، فكلما زاد حجم الرواتب زاد تحريك الاقتصاد.

بناء 30% من الوظائف المحلية حسب التطلعات من النوعية المنتجة والمناسبة (أي مليون وظيفة) يحتاج إلى استثمارات من القطاع الخاص في البحوث والتطوير وهذا مستحيل نظرا للضعف الثقافي في هذا المجال، أضف إلى ذلك الفجوة بين تطلعات رجال الأعمال ورواد الأعمال وبين قدراتهم الحالية.

لذلك أرى من المهم دخول مزيد من الشركات الحكومية في القطاعات الصناعية والزراعية والتعدين وغيرها، وبناء منظومة عمل تركز على الإنتاجية بكميات كبيرة mass production للأجهزة الكهربائية والالكترونية وغيرها. بناء مصنع واحد وإجادته بشكل كبير ومن ثم إتاحة الفرصة لرواد الأعمال للدخول بطريقة الفرنشايز أو التميز التجاري.

مثلا، أن يكون مصنع لشركة حكومية في الرياض للشرائح الالكترونية مثل «الالكترونيات المتقدمة» بالرياض أو «الرواد للدوائر الالكترونية» بجدة، وبعد إجادتها وفتح قنوات التسويق لدول العالم، يتم إتاحة فرنشايز لرواد الأعمال لكل مدينة بالمملكة، فالأسواق العالمية تستوعب أي مخرجات من تلك المنتجات. وكذلك الأجهزة الالكترونية الأخرى (راوتر ورسيفر وغيرها) وأيضا الأجهزة الكهربائية والأجهزة المستخدمة في المستشفيات، يستهدف منها الأسواق المحلية والعالمية.

الاعتماد على الإقدام والمبادرة من قبل رجال ورواد الأعمال صعب وقد ثبت ذلك، فهناك خيارات لتأسيس شركات حكومية مساهمة وأيضا شركات تتبع لأرامكو وسابك والبتروكيماويات وشركات الاتصالات ووزارة الصحة وتجار الأجهزة الكهربائية، ربما تجدي وترغّبهم بالشراء من منتجاتهم طالما أنهم سيكسبون من الجهتين في حال كان شراؤهم من شركاتهم هذه.

المقصود، لماذا لا تعمل في المرحلة الأولى شركات الاتصالات على تأسيس شركة (وجزء منها حكومي وجزء مساهمة) وتنتج كثيرا من الأجهزة التي تشتريها سنويا بمئات الملايين، وكذلك أرامكو وسابك والكهرباء ومعامل التحلية وغيرها الكثير.

Barjasbh@