فهد محمد الأحمري

صراع الجهل

الخميس - 09 ديسمبر 2021

Thu - 09 Dec 2021

يبدو أن الإنسان يستمتع بالصراعات فإن لم يجد ما يتصارع عليه اختلقها حتى يبقى في دائرة متعة الصراع.

وُجدت نظريات سابقة في تاريخ الإنسان تتحدث عن أن الحياة عبارة عن صراع بين الطبقات، وهناك من اعتقد أن الوجود عبارة عن صراع بين الحضارات أو الثقافات بينما أخرى ترى أن حقيقة الصراع هو بين الحق والباطل، والأخيرة أخذت منحى عقدي مستدلة بنصوص أوّلتها بتأويلها التي ترى أن الحق المطلق في صفها وأن الباطل المطلق في صف من خالفها والكل يدعي وصلا بليلى.

وحين حلّ الوعي في فئة مستنيرة من النخب الفكرية، حاولت إخراج البشرية من وهم الصراعات وأن الحياة تكاملية بين مختلف الطبقات وشرائح المجتمعات وهي كذلك في التكامل بين الحضارات والثقافات المختلفة التي أثْرت بعضها بعضا بالعلوم والاكتشافات والمثاقفة المتبادلة بين الشعوب والأمصار.

إن ما توصلت إليه البشرية اليوم من تطور مهول على كافة الأصعدة لم يكن ليتحقق لو كان حقيقة الأمر مجرد صراعات طبقية أو حضارية وثقافية أو حتى عقدية كما يعتقد الكثير على مر العصور.

لا ننكر أن هناك تاريخا مرصعا بالسواد من بعض تلك الصراعات التي أصلها ناشيء من الخلافات السياسية وليس الطبقية أو الثقافية ولا العقدية كما يحاول تصوير البعض هذه الأخيرة بدليل أن الغرب حين غزا العالم الشرقي لم يتجه نحو مكة التي هي أعظم بقعة مقدسة عند المسلمين.

نظرية الأخوة الإنسانية هي النظرية الحقة المقدسة التي يُجمع عليها أتباع الديانات السماوية مهما حاول الغلاة في مختلف الأديان على تغييبها عن مفاهيم الناس لزجهم إلى حيث هاوية الصراعات الدينية التي نشأت الأديان على أصل التسامح والرحمة.

الغرب تعلم من الشرق في أصل المعارف والعلوم منذ نشأة الخليقة، ولاحقا تعلم الشرق من الغرب واليوم يستمر الغرب في المقدمة غير أن الأخير لا ينفك من حاجته الماسة للمكون الشرقي من جوانب عديدة يصعب حصرها ومنها الطاقة واليد العاملة والمساحة الجغرافية والقوة الشرائية على مستوى الكيانات النظامية والفردية.

إن المكون الغربي هو الوجه الآخر من الشرقي بلا شك، فلا يمكن تصور غرب بدون شرق ولا شرق بدون غرب.

مؤخرا، استيقظ الوعي البشري المستنير على حقيقة مفادها أن الحياة تكاملية ولا غنى عن الآخر فأنت عبارة عني أنا الآخر، في الإطار العام وليس الشخصي، فهل تستطيع هذه الشريحة المستنيرة النخبوية أن تؤثر في بقية سكان المعمورة وتقود الإنسان إلى حياة آمنة مسالمة بدلا من صراعات الجهل.

fahadalahmary1@