ياسر عمر سندي

هلا بالخمسين

الأربعاء - 13 أكتوبر 2021

Wed - 13 Oct 2021

يا هلا وألفين هلا.. يا مرحبا تراحيب المطر.. آنست وشرفت.. أسفرت وأنورت.. مرحبا مليون.. مرحبا هيل عد السيل.. حللت أهلا ونزلت سهلا.. بمختلف تعابير الضيافة والحفاوة نستقبله بترحاب إذا ما وصل إلى حدودنا وأناخ رحاله عند أبوابنا؛ يقال في أساطير الأولين أن عمر الخمسين هو أزمة منتصف السنين؛ وأقول إن شخصية سن الخمسين من أروع المراحل العمرية انتعاشا وأجملها انطلاقا بشرط أن يتم إدراك مطالبها وحاجاتها وفهمها ذاتيا لصاحب تلك المرحلة وكذلك استيعابها مجملا لمن يتعاملون مع الشخصية الخمسينية للملازمين الدائمين من حولها؛ ولتشريح هذه الشخصية والتعمق بها أكثر نترك المجال للسجال لأسطر هذا المقال.

الخمسين هي شخصية المرحلة العمرية التي تعقب مرحلة النضج الأربعيني؛ أي أنه بعد بلوغ شدة القوة الجسمانية المادية والمعنوية الملموسة والمحسوسة بشقيها الفكري والنفسي للإنسان من حيث استشعار النِعَم الربانية المحيطة به وعليه من أساسه إلى مفرق رأسه ليعكسها باليقين والعمل بالصلاح والإصلاح السلوكي مع ذاته وربه وعباد خالقه فإنه يتدرج إلى أن يصل هذه المرحلة الألماسية التي تمتاز بلمعانها الأخاذ ورونقها الخاص ومستواها العالي كما يحلو لي أن أصفها؛ ووضعها من حيث وزنها ومكانتها وعمرها تعطي مؤشرات القيمة والقامة لمن امتلكها واقتناها وعاشت معه وعاش معها؛ ربما أجد أنها مرحلة مختلفة تماما ليست كأي مرحلة عمرية؛ هي بالفعل ألماسة فريدة من نوعها قابعة على فاترينة بمحل مجوهرات يحدق بها الكثيرون ويتأملونها لما لها من جاذبية في إشعاعها وطبيعة صقلها.

لماذا الألماس أقارنه بالمرحلة الخمسينية من العمر؟ ربما بسبب شهرة هذا الحجر المستخدم في صناعة الحُلي التي تنشده طبقة الأغنياء وشريحة النخبة الراغبين في التميز ولأن الألماس يتطلب منذ لحظة اكتشافه حتى وصوله إلى شكله النهائي الصبر والخبرة والمداراة لذلك تعتبر عملية صقله من أعقد المهارات الحرفية لما تستغرقه من سنوات لإنجاز هذه التحفة المتميزة بالإضافة لاختلاف أماكن تواجده وألوانه مثلما هو الحال باختلاف من يصل إلى هذه المرحلة النفيسة بالمعرفة والدراية الطويلة التي صقلت من عمر الخمسين حتى يصل إلى شكله النهائي والتي ميزته نوعا وكما.

الميزات التي أجدها في هذه المرحلة الألماسية بتقديري أضافت إليها رونقا خاصا على قيمتها وكأنما أراها هدية ازدانت بتغليفها نورا على نور بشكلها ومضمونها:

- الشعور بروح الطفولة المرحة في الإقبال والإصرار على الحياة.

- النشاط والانطلاق والزهو بسبب ما تم اختزاله من خبرات سابقة يراد إسقاطها على تجارب لاحقة سواء كانت عملية أو علمية أو أسرية أو مجتمعية أو ثقافية وغيرها الكثير.

- مرحلة مناسبة جدا لتوقد الفكر والإبداع لما تختزله هذه الفترة من هدوء يسبق العاطفة.

- الحكمة والنبوغ والرأي المتزن إجمالا.

- التجديد والبحث عن الجديد خصوصا لما يثري الجانب الإيماني والفكري.

- تجنب الصراعات بمختلف أنواعها.

- الميل إلى السلام الداخلي والتصالح النفسي.

- التسامي الأخلاقي والضبط الانفعالي.

- البحث عن مكامن الجمال في كل مجال.

- الاستقلال والحرية والتجرد من التبعية.

- عمر الاستقرار لأخذ القرار بسبب وجوده بين مرحلتي الأربعين والستين.

في رأيي الخاص أنها مرحلة تتطلب الكثير من الاستعداد للوصول إليها؛ لأنه من المؤكد عدم تطابق الميزات السابقة على جميع الشخصيات؛ ليس بسبب وجود عيب جوهري في هذه المرحلة الألماسية من العمر؛ ولكن بسبب وجود قصور فكري للبعض ممن يعيشها ويتبناها من جهله المسيطر وعقله المتحجر.

كذبوا إن قالوا إنها أزمة منتصف العمر؛ بل هي متعة كل العمر بالفهم والوعي المتكرر.

Yos123Omar@