ماذا يغري الأوروبيات في تنظيم داعش؟

ألمانيا والدنمارك تستعيدان 11 داعشية من معسكر روح في سوريابراون: التمرد والمغامرة وطريقة القيادات الرومانسية وراء الانضمامفيديوهات ومدونات على شبكات التواصل تصطاد النساء وتغريهن بالتنظيمفراير: بعضهن يردن الابتعاد عن أسرهن والتمرد على أوضاعهنطبيبة ماليزية: لا أحتاج أكثر من سماعتي الطبية وسلاح الكلاشنيكوف
ألمانيا والدنمارك تستعيدان 11 داعشية من معسكر روح في سوريابراون: التمرد والمغامرة وطريقة القيادات الرومانسية وراء الانضمامفيديوهات ومدونات على شبكات التواصل تصطاد النساء وتغريهن بالتنظيمفراير: بعضهن يردن الابتعاد عن أسرهن والتمرد على أوضاعهنطبيبة ماليزية: لا أحتاج أكثر من سماعتي الطبية وسلاح الكلاشنيكوف

الخميس - 07 أكتوبر 2021

Thu - 07 Oct 2021

فيما أعلنت ألمانيا أمس إعادة 8 نساء غادرن قبل سنوات للانضمام إلى تنظيم داعش الإرهابي، قالت الدنمارك إنها استقبلت ثلاث داعشيات جئن من معسكر (روح) في شمال شرق سوريا، الخاضع لسيطرة الأكراد.

وقد وقعت مئات الأوروبيات في غرام التنظيم الإرهابي على مدار السنوات الماضية، لأسباب مجهولة لم يتم الكشف عنها حتى الآن، لكن الأمر تحول إلى ظاهرة مثيرة للانتباه، فكيف بنساء اعتدن على الحرية والانطلاق العيش داخل أغلال التنظيم الذي يواجه حملة شعواء لاقتلاعه في شتى أرجاء المعمورة.

يرى خبراء أن الأسباب التي تدفع الأوروبيات للانضمام إلى داعش سياسية أكثر منها دينية، لكن حب المغامرة والتمرد تصطدم بالزواج من مقاتلين وإنجاب الأطفال فقط.

عودة الداعشيات

هبطت رحلة طيران عارض على متنها النساء الألمانيات وأبنائهن الـ23 قبيل منتصف ليل أمس في مطار فرانكفورت، طبقا لوكالة الأنباء الألمانية، كانت النساء تعشن في معسكر (روح) في شمال شرق سورية، وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس «إن العديد من النساء العائدات احتجزن لدى هبوطهن، وكان على متن الطائرة ثلاث نساء أخريات وأبنائهن الـ 14 الذين أعادتهم الدنمارك».

وقدمت الولايات المتحدة الدعم اللوجيستي وساعدت السلطات الكردية في التحضير لعملية الإعادة إلى الوطن، وذكرت مجلة دير شبيجل الألمانية أن النساء تتراوح أعمارهن بين 30 و38 عاما وأن بعضهن محتجزات في مراكز احتجاز مع أبنائهن منذ سنوات.

وأعادت ألمانيا نساء من أراض كانت تتبع داعش من قبل، ومثلت العديد من العائدات السابقات بالفعل أمام المحكمة في ألمانيا للاشتباه في قيامهن بأنشطة إرهابية وتهم أخرى.

200 أوروبية

ألقت الشرطة الألمانية بمطار فرانكفورت قبل فترة قصيرة القبض على ثلاث فتيات كن في طريقهن إلى سوريا للانضمام إلى تنظيم داعش، وأعادتهن إلى الولايات المتحدة، المثير أن الفتيات الثلاث مراهقات تتراوح أعمارهن بين الـ15 والـ17، ورغم فشل الثلاثة إلا أن آلاف الأوروبيات نجحن في الوصول إلى سوريا والانضمام إلى التنظيم الإرهابي.

منذ بضعة أشهر أثار اختفاء طالبة من مدينة كونستانس على الحدود الألمانية السويسرية دهشة المجتمع الألماني، بعدما هربت إلى تركيا ومنها إلى سوريا لتنضم إلى معسكر تدريب لداعش.

ورغم أن عدد النساء الملتحقات بصفوف داعش مازال ضئيلا مقارنة بعدد الرجال، لكنه في ازدياد مستمر، وقدرت الباحثة في شؤون الإرهاب في كلية كينج بلندن كاثرين براون، عدد النساء الأوروبيات ممن انضممن إلى «داعش» إلى 200 فتاة.

عرض رومانسي

وقالت الخبيرة كاثرين براون «إنه توجد عدة أسباب تدفع النساء للانضمام، منها أن داعش يمثل يوتوبيا سياسية، كما أن قيادات التنظيم يعرضون أسلوب حكمهم بطريقة رومانسية».

وترجع الخبيرة الأسباب أيضا إلى أن أوضاع المسلمين في أوروبا والجدل المستمر، أدى إلى شعور كثير منهم بالتهميش.

وأضافت «الكثير من النساء والرجال يسافرون أيضا بهدف المغامرة، وهذه حالة مشابهة لوقت الحرب الأهلية في أسبانيا قبل 75 عاما، بعض النساء المسلمات انضممن بهدف أن يشاركن في بناء الخلافة» يردن أن يصبحن شريكات في هذا المشروع الجديد، أمهات الدولة وزوجات المجاهدين.» .. كما تقول براون.

ابتعاد وتمرد

ويؤكد رئيس هيئة حماية الدستور في ولاية شمال الراين وستفاليا بوركهارد فراير، أن 25 فتاة سافرن من الولاية، وأن أعمارهن تتراوح ما بين 16 و20 وأغلبهن من عائلات مهاجرة إلى ألمانيا.

يقول إن الفتيات ينقصهن القدرة على إيجاد وجهتهن في الحياة ويفتقدن إلى الاعتراف بهن في المجتمع، وهي أسباب مشتركة بين الرجال والنساء الذين يتطرفون فيما بعد»، مشيرا إلى أنهن يردن الابتعاد عن أسرهن والتمرد على أوضاعهن.

ويضيف «توجد بعض الحالات الفردية، قالت النساء فيها إنهن يتمتعن بحرية أكبر في ممارسة شعائر الدين وارتداء الحجاب في سوريا»، بينما تلعب الرومانسية دورا كبيرا، إذ يتصورن أنهن سيتزوجن أسودا وشهداء المستقبل».

كما أن كثير من الفتيات ممن انضممن إلى «داعش» تم استقطابهن عند طريق الانترنت من خلال الفيديوهات والمدونات وشبكات التواصل الاجتماعي، التي تعرض فيها نساء التنظيم نصائح عن الحياة الملتزمة، ودعايات لصالح التنظيم.

سماعة وكلاشنيكوف

ووفقا لتحليل فراير فإن طريقة التنظيم الإرهابي تترك مساحة ضئيلة للنساء من حيث حرية التصرف، ويبقي لهن مهمتان فقط: الزواج من مقاتل وإنجاب الأطفال.

وتقول «مع ذلك توجد بعض النساء قد شاركن في أعمال قتالية، فهناك طبيبة ماليزية كتبت في مدونتها. «لدي سماعتي الطبية وسلاح الكلاشنيكوف، لا يحتاج الإنسان لأكثر من هذا». كما ظهرت صورة تستعرض فيها سيدة فرنسية مرتدية حزاما ناسفا وتعلن فيها أنها ستقوم بتفجير نفسها.

وعن الوظائف التي يتركها الرجال للنساء داخل معسكرات القتال التابعة لتنظيم «داعش» يقول فراير، «إن النساء لا يشاركن في العمليات المسلحة، بل يوظفن للحراسة ولتقديم الدعم إلى الرجال»، وأضاف «كثيرا منهن يشعرن بعد الوصول أنهن يتم التضييق عليهن، لكن الأوان يكون حينها قد فات».

ونقلت وسائل الإعلام، قول فتاتين من النمسا انضمتا لـ»داعش»، لأصدقائهن بأنهما لا تستطيعان تحمل إراقة الدماء، بعد أن مكثن مع التنظيم 6 أشهر وتزوجن من مقاتلين.

الآلة الإعلامية

وفيما يرى كل من براون وفراير أن تطرف النساء يعود لأسباب سياسية وليست دينية، وتؤكد براون أن الفيديوهات تعرض الصور المعتادة، الأعلام السوداء والأناشيد. وأغلبهن لا يتعمقن في دراسة الدين»، يشدد مرصد الأزهر المصري أن الآلة الإعلامية القوية للتنظيم وراء انضمام الكثير من الفتيات والشباب من أكثر من 100 دولة.

ولخص مرصد الأزهر أسباب استقطاب تنظيم داعش للنساء في «فكرة الدولة» المزعومة التي كان يريد تأسيسها.

فالتنظيم يحتاج إلى النساء كحاجته إلى الرجال، يحتاج زوجات وأمهات ينجبن أطفالا، يمثلون ضامنا لبقاء فكره المتطرف، من أجل ذلك حرص التنظيم على استقطاب المرأة، ونسج الخطط والحيل لذلك، ودعا جهازه الإعلامي النساء من أجل المشاركة في تأسيس الدولة المزعومة، والوقوف إلى جانب الرجل في القتال، الأمر الذي دفع بعض المراكز البحثية المتخصصة في دراسة التنظيمات المتطرفة إلى استخدام مصطلح «تأنيث القتال».

خطاب استقطابي

ولفت المرصد إلى أن أهم أسباب حرص تنظيم داعش الإرهابي على استقطاب النساء هو استخدامه لهن في بعض الوظائف مثل التمريض، والتدريس، وأعمال الطهي، والشرطة النسائية التي تراقب النساء، ومدى انتمائهن للتنظيم، وتسهم في تجنيد نساء أخريات من خلال وسائل التواصل، والربط بين العضوات الجديدات والقيادات، إضافة إلى إقناع النساء المحليات بالانضمام والزواج من عناصر التنظيم.

أما عن ملامح الخطاب الإعلامي والإفتائي الذي يقدمه تنظيم داعش الإرهابي للمرأة فقال المرصد أن تنظيم داعش الإرهابي يقدم للنساء خطابا إعلاميا يتناسب مع السمات الشخصية لكل امرأة يريد استقطابها، فالمرأة المحبة للقيادة تستقطبها خلايا التنظيم عن طريق المدح والإطراء والثناء على آرائها، ومحاولة إقناعها بأن شخصيتها تصلح لقيادة شخصيات ضعيفات في دولته المزعومة، من جهة أخرى يحفز التنظيم المرأة ذات الشخصية المتمردة على الانضمام إليه واصفًا هذا بالمغامرة البعيدة عن عادات مجتمعها وتقاليده، أما المرأة ذات الشخصية المسالمة فتلعب خلايا التنظيم على مخاطبة عاطفتها، وتظهر لها اهتماما بالقضايا التي تهتم بها، وتصل معها إلى أدق تفاصيل حياتها حتى تكسب ثقتها تمامًا، وهنا يسهل استقطابها.

تعرية التنظيم

ويدعو مرصد الأزهر إلى ضرورة تفكيك الخطاب الإعلامي لأي تنظيم إرهابي أمر مهم ينبغي أن ينال حقه من البحث لتعرية هذه التنظيمات ونظهر ضلال دعايتها ورفع الوعي الديني لدى الشباب والفتيات، وإقناعهم بأن الثقافة الدينية يجب أن تستند إلى سعة أفق، ونظرة متعمقة، أمور مهمة تحفظ الشباب والفتيات من مخاطر الاستقطاب.

وشدد المرصد على أهمية العمل على تنمية مهارة التفكير النقدي لدى الشباب والفتيات، وتعريفهم قيمة العقل وأهميته، وتحذيرهم من أن يقبلوا شيئًا أو يرفضوه دون إعمال العقل وإمعان النظر، فالعقل هو جوهر الإنسان، والاهتمام بشيء من الرقابة المتوازنة من الأسر والمدارس، تلك الرقابة التي تراقب السلوكيات، ولا تعتدي على حرية الأبناء والبنات؛ لأن الاعتداء على الحريات قد يأتي بنتائج عكسية.

وبشدد على عدم ترك وسائل التواصل الاجتماعي ساحة فارغة لجماعات العنف والتطرف، بل يجب مزاحمتهم عليها من قبل العلماء، ورجال الدين، والمثقفين، والشعراء، والفنانين، والرياضيين، وكل من له جمهور ومتابعون؛ لنشكل في النهاية رواية مضادة تشتبك مع الخطاب المتطرف وتفنده.

ماذا يغري المرأة الأوروبية بتنظيم داعش؟

حب المغامرة.

التمرد على مجتمعها.

الآلة الإعلامية القوية.

التطرف الديني والسياسي.

الرومانسية والبحث عن الزواج.