كم دفعت أمريكا لمواجهة صناع الموت؟

الأربعاء - 15 سبتمبر 2021

Wed - 15 Sep 2021

كم حجم الفاتورة التي دفعتها الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة صناع الموت والحيلولة دون تعرض مواطنيها وحلفائها إلى هجمات إرهابية منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 وحتى الآن؟

سؤال طرحته وكالة «بلومبيرج» للأنباء في تقرير لها، كشفت خلاله عن الأعباء التي تكلفتها أمريكا على مدار عقدين، خلال المطاردة العسكرية العالمية للتنظيمات الإرهابية، وبالتحديد تنظيم القاعدة، حيث قضت على قيادته وشلت قدرته على شن هجمات من شأنها أن تؤدي إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا.

ويؤكد التقرير أن المكاسب التي تحققت في مجال الأمن الداخلي وجمع المعلومات الاستخباراتية، أسهمت في إعاقة حدوث الكثير من المؤامرات المحتملة، حيث قتل ما يقرب من 100 أمريكي على مدار الأعوام العشرين الماضية، في هجمات جهادية وقعت على الأراضي الأمريكية، ويشار إلى أن هذا العدد هو تقريبا نفس عدد الأشخاص الذين يلقون حتفهم بسبب حوادث إطلاق النار اليومية.

وتقول «بلومبيرج» «إنه في ظل الاعتراف بهذا الإنجاز، من المهم فهم أمرين. أولا، أن البلاد مازالت معرضة لخطر شن هجمات عليها في المستقبل. ثانيا، وبحكم الضرورة، يجب أن يتم تغيير الاستراتيجية التي تم اتباعها خلال الأعوام العشرين الماضية.

ملاحقة الإرهابيين

وكان رد الولايات المتحدة على أحداث 11 من سبتمبر، مدفوعا باقتناعها بوجوب محاربة الإرهابيين في الخارج، وحيثما أمكن ذلك، بوصفهم خصوما عسكريين تقليديين. وقد أسيء فهم هذا التفكير بصورة جزئية، لأسباب ليس أقلها أنه تم الاستخفاف بخطر تأجيج الكراهية التي تحرك الحركات الإرهابية، بدلا من قمعه.

كما تم تعقب ذلك بتكاليف باهظة، والأمر الأكثر خطورة، هو أنه كانت تكلفته مقتل نحو 8000 من القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) في الحروب التي جرت بالعراق وأفغانستان. كما يتجاوز الإنفاق العسكري الأمريكي ومكافحة الإرهاب منذ عام 2001- 2005 تريليون دولار بالقيمة الثابتة للدولار. وفي ذروة الحرب على الإرهاب، استهلكت عملية مكافحة الإرهاب أكثر من 20 بالمئة من إجمالي الإنفاق التقديري للولايات المتحدة.

إنهاك ومعاناة

ويعكس انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان مؤخرا، المعاناة من حالة الإنهاك العام بسبب مثل هذه الالتزامات. وسواء كان الاستراتيجيون في الحكومة يحبون ذلك أم لا، فقد دفعت هذه التجربة الولايات المتحدة إلى نهج جديد - أقل اعتمادا على الحروب الخارجية، وأكثر اعتمادا على الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية والتكنولوجية، للحد من التهديد الإرهابي، ويعد التحدي خلال العشرين عاما المقبلة، هو تشكيل هذه الاستراتيجية الأكثر دقة وتعقيدا، لتحقيق أفضل النتائج. وتعتبر المهمة الأكثر أهمية هي فهم العدو.

وقد تضاعف عدد الجماعات الجهادية التي صنفتها وزارة الخارجية بأنها منظمات إرهابية أجنبية، أربع مرات، منذ وقوع أحداث 11 سبتمبر. وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزه الجيش الأمريكي وشركاؤه في التحالف لإضعاف قوة تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، يستمر الآلاف من العناصر الإرهابية في العمل بسورية والعراق وأفغانستان.

حرب أبدية

وتقول وكالة «بلومبيرج» «إن الإرهابيين اكتسبوا موطئ قدم في أجزاء من جنوب شرق آسيا، كما ينتشرون في أنحاء أفريقيا، حيث يهدد المتمردون استقرار دول مثل الصومال ونيجيريا ومالي وموزمبيق.

وتشارك الجماعات الإرهابية الأجنبية حاليا الاستعداد الذي كان لدى أسامة بن لادن لقتل الأبرياء من أجل خدمة أيديولوجيتها،. وقد ساعد التعاون الوثيق بين وكالات إنفاذ القانون وأجهزة الاستخبارات، والمراقبة الشديدة لاتصالات المسلحين، وتكثيف رصد مواردهم المالية، في تقييد قدرتهم على بلوغ أهدافهم. ويتعين الحفاظ على تلك الجهود وتحسينها.

وعلى الرغم من رفض الرأي العام «للحروب الأبدية»، ستحتاج الولايات المتحدة إلى مواصلة فرض الضغط العسكري على الشبكات المتطرفة.

معلومات استخباراتية

ووفقا للتقرير، يجب أن تسعى إلى إبرام اتفاقيات لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع الدول المجاورة لأفغانستان. ويتعين على الوكالات الغربية، استكشاف إمكانية التعاون المحدود مع النظام الأفغاني الجديد، لاستهداف تنظيم خراسان، وهي جماعة منافسة لطالبان والقاعدة.

أما خارج أفغانستان، فيجب أن يحافظ الجيش على التواجد في عشرات الدول التي تعمل بها حاليا وحدات صغيرة لمكافحة الإرهاب