زهير ياسين آل طه

«توكلنا» في رحلة الإسعاف في المدن الذكية

الاحد - 12 سبتمبر 2021

Sun - 12 Sep 2021

برمجة وتفعيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي لأنظمة الحركة المرورية بذكاء متعدد ومتجدد، من أجل تفاعلها واستجابتها السريعة مع الطوارئ؛ تعد من المظاهر الحضرية التي تسهم مع غيرها في تعزيز مستوى جودة الحياة واستدامتها بكل ما تعنيه من راحة وعيش رغيد بعيدا عن التوترات والمنغصات، وقد تصنع الفرق في حدة القرار الذي يعنون علميا Decision Acuity في قوته وجودته لدى صانع القرار حينما يقرر تأسيس مدينة ذكية كنيوم وذا لاين، أو اعتماد تحويل أي مدينة إلى ذكية «كما تقرر قبل أيام بتحويل 5 مدن سعودية لذكية» وربطها بإنترنت كل الأشياء. وتكون هذه التطبيقات ضمن الأولويات التي تُبنى عليها الاستراتيجية التحويلية الذكية، ولتحقق ضمنيا معنى Smart Gravity «الجاذبية الذكية» للتغيير وتقبل المجتمع لها مع وجود التحديات المصاحبة، والتي عادة يرفضها البعض في المجتمع بسبب الخوف من عنصر المفاجأة المتكرر.

فلا غرابة حينما نشهد مستقبلا التعمق في إنترنت كل الأشياء، وليس الأشياء فقط بما قد تحويه من ارتباطات مع إنترنت السمع والنظر واللمس والإحساس والإشعاع الحراري والعواطف والغضب والمحبة والضغط والسكر والحساسية والزهايمر، وصولا للزواج والإنجاب السليم وحتى القبول الجامعي والتوظيف... إلخ، فالكثير خرج ضمن سلسلة الخيال العلمي وبدأ يتحقق مع الوقت في البحث العلمي مع دخول الثورة الصناعية الرابعة التي بدأت من ألمانيا كمبادرة عام 2011، وما تخفيه الثورة الصناعية الخامسة المقبلة علينا قريبا.

فالاستعداد للتغيير والترتيب والتوعية له؛ هو من مقومات الذكاء الاستراتيجي للمدن الذكية، معززا بنموذج تسلسل اتخاذ القرار الذي تطرقنا له في مقال سابق، وهو مفهوم حيوي دارج في محطات اتخاذ القرار العالمي. والذكاء الاستراتيجي في مرحلة استشراف المستقبل وفقا للماضي والحاضر يعد محركا قويا، لأنه ذكاء هجين يدمج بين الرواد وفكرهم الثاقب وبين الجيل الجديد المفعم بالحيوية والنشاط والإبداع، وهو دافع استراتيجي توسعي أيضا في البحث العلمي والابتكار استنادا على ما مضى من مخرجات علمية ونظريات وفرضيات ونماذج لا غنى عنها، كمراجع للتطوير مع توفر المصادر المسرعة في الذكاء الاصطناعي وخوارزمياته.

فلو أردنا أن نتخطى ونخطو خطوات سريعة نحو التغيير والتطوير في مشروعات ذكية مرتبطة بجودة الحياة في المدن الذكية وغير الذكية أيضا، ومنها لا للحصر «التحكم الذكي» في الإشارات المرورية في حالات الطوارئ لمركبات الإسعاف والدفاع المدني والأمن والمرور أيضا، ملخصة في إصدار إشارات بترددات الراديو أو بمستشعرات بجانبي الطريق بالأشعة تحت الحمراء أو GPS لتغيير ضوء الإشارات المرورية من الأحمر للأخضر، لعبور مركبات الطوارئ دون عوائق؛ فقد نعجز موقتا أن نحقق السرعة التنفيذية ونضطر أن نرتبط بما تنتجه الخبرات والشركات العالمية في هذا المجال القديم، الذي بدأ من أكثر من عقدين من الزمن وبتكلفة عالية جدا ووقت طويل للتنفيذ لتغطية مواقع كثيرة بالمئات.

وما يصدر من أبحاث علمية جديدة في هذا المجال الذكي للتعامل مع الطوارئ وبما تحويه من كوامن أمل للتطبيق المستقبلي التنافسي؛ قد يؤرق متخذي القرار الحاد خوفا من التسرع في الاستثمار، كونها تحوي نتائج واعدة ومتغيرة سريعا في التطوير، وتحاول أن تتعمق في تحييد وتقليص الفوارق الزمنية في الاستجابات وتحديد الوقت الأمثل للبدء وتقييم الازدحام وتحديد عدد المركبات التقريبي المعيق للطوارئ، منعا للإرباك المروري مقارنة بمن سبقها من أبحاث علمية.

فالخروج بحل سريع ولو موقتا وبتكلفة مقتصدة تحت مبدأ الابتكار المقتصد «Frugal Innovation»، بمعنى القليل للكثير «Less for More»؛ هو سمة المحترفين في هذا العصر من الأذكياء المبدعين، و «سدايا» قد تكون صاحبة الحظ الأوفر لحل المشكلة لو تبنتها، وتطبيق «توكلنا» مطواع للتطوير إذا تم تطويعه بذكاء واحترافية احتوائية في تحريك عملية الطوارئ بإرسال رسائل بلغات مختلفة نصية أو صوتية بلوتوثية «محفوظة» بعيدة المدى، حسب المسموح في النظام البيئي «Ecosystem» من مركبات الطوارئ لأجهزة الهواتف الذكية القريبة داخل السيارات المتوقفة عند الإشارات، تنبه بالتحرك الحذر لمن في الأمام ويعيقون مركبات الطوارئ والعكس صحيح بالتوقف لغيرهم، بغض النظر عن لون ضوء الإشارة، كحل تفضيلي موقت ذكي عما هو قائم الآن من تخوف وتردد وارتباك الكثير من عبور الإشارات وتسجيل مخالفات في نظام ساهر، حين سماع الإنذار التنبيهي من مركبات الطوارئ.

«فتوكلنا» تطبيق قد تربع وأفرد لنفسه موقعا يشاد له بالتمكين والاستشهاد التوثيقي والمتابعة والرقابة والفحص في مجابهة الجائحة الخطرة لفيروس كورونا كوفيد-19 ومتحوراته، ولا أعتقد أنه سيتوقف تطورا وتحديثا لو افترضنا جدلا بلوغ ذروة البرمجة الخوارزمية للذكاء الاصطناعي وهو محال، لأنها برمجة متحورة وقادرة على التكيف مع التطور الرقمي، وقد نشهد لـ «سدايا» بابتكارات تابعة «لتوكلنا» تخدم أولا الصحة في تصنيع «ساعات توكلنا الذكية» مثلا الشاملة للبيانات والاستشعار تحت منظومة «إنترنت كل الأشياء وارتباطاته التي ذكرناها في البداية»، وتحاكي الساعات الذكية الموجودة حاليا أو تتعاون وتتشارك معها في التصنيع والبرمجة لمساعدة المحتاجين من المرضي ومن كبار السن وأصحاب الهمم وحتى طلاب المدارس وعموم الناس، لمن يرغب في اقتنائها دون وجود الهاتف الذكي النقال.

@zuhairaltaha