محمد حطحوط

قانون كوري بإقفال المتاجر الكبيرة دعما للمنشآت الصغيرة

السبت - 11 سبتمبر 2021

Sat - 11 Sep 2021

في أمريكا 31 مليون شركة صغيرة، تشكل من العدد الكلي للشركات الأمريكية ما نسبته 99,9%، حيث تعرف أمريكا المنشآت الصغيرة أنها تلك التي لديها أقل من 500 موظف، في حين تعرف السعودية والاتحاد الأوروبي الصغيرة أنها التي لديها 50 موظفا أو أقل.

التعريف -في أي قضية تتناولها- مهم جدا؛ لأنه يقلل من التلاعب في الأرقام؛ ولأنه بنفس التعريف الأمريكي تمثل الشركات التي لديها 20 موظفا أو أقل 89% من التعداد الإجمالي.

مربط الفرس أن الشركات المتوسطة والصغيرة تعتبر هيكل الاقتصاد لأي دولة، حيث تصنع مئات الآلاف من الوظائف، 64% من الوظائف بالولايات المتحدة، حسب موقعي أوبيرلو وفاوندرا.

ولهذا السبب تولي الدول هذه الشريحة من الشركات اهتماما كبيرا، وحيزا حقيقيا من الرعاية، حيث تصل لمرحلة إنشاء وزارة خاصة كما حدث في بعض الدول الصاعدة ككوريا الجنوبية وغيرها.

وعلى ذكر كوريا، أطلقت قوانين كثيرة، لتحفيز نمو المنشآت المتوسطة والصغيرة، تجدها في موقع وزارة الشركات المتوسطة والصغيرة والناشئة، حيث كتبت بالبنط العريض: أنتم المحرك الذي يقود الاقتصاد الكوري. وفي موقع الوزارة أيضا الكوري، تفخر أنها الصوت القوي لهذا القطاع في الدولة ككل، والمنافس الشرس عن مصالحه ومكتسباته، منها قانون لتعزيز المنافسة وتقليل الاحتكار لإجبار المتاجر الكبرى ذات السلسلة، أن تقفل أياما محددة في الشهر، غالبا إجازة نهاية الأسبوع، من أجل فتح المجال للشركات متناهية الصغر في مشاركة كعكة الاقتصاد.

في البداية.. تلكأت بعض الشركات الكبرى، ورفضت الإغلاق، بعدها تدخلت الحكومة الكورية ووضعت غرامات صارمة، أولها 10 ملايين للمرة الأولى، ثم 20 مليونا للثانية. ليس هذا فحسب، وضعت قوانين كثيرة لمنع فتح أي فروع لتلك الشركات العملاقة في أماكن تجمعات الأسواق الشعبية والتي يعود ملاكها لجهات متناهية الصغر.

هل هذه ديكتاتورية اقتصادية؟ بالطبع لا، هذه ممارسات عالمية تأتي تحت مظلة ديموقراطية الاقتصاد، وهي نظرة فلسفية تهدف لتوسيع دائرة المستفيدين من الاقتصاد، زادت شعبيتها في العقود الأخيرة، بعد ملاحظة تمركز الثروة في أيدي معدودة في كل دولة، حيث تهدف هذه النظرية لإعادة التوزيع العادل للثروات.

مثل هذه الممارسات العالمية، التي تجبر المتاجر الضخمة والشركات التي تمتلك سيولة عالية على إغلاق أبوابها من أجل تحفيز الشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر والباعة المتجولين الرسميين، لتسويق منتجاتهم وخدماتهم، وفتح فرص جديدة في السوق، هدفها تقليل الاعتماد على الوظائف التقليدية في الحكومة، ومن أجل تغيير ثقافة المجتمع ليصنع لنفسه ولمن حوله وظائف تسهم في الإنتاج الكلي لاقتصاد الدولة.

خارج السياق ولا بد منه:

دراسة الاقتصاد من أجمل العلوم التي تمنحك نظرة بانورامية لكل المجالات، حيث تفهم لأول مرة تداخل التسويق والسياسة والتعليم والتجارة والقانون والطب والهندسة، وتمازجها لتصنع لك في نهاية المطاف اقتصادا. كتاب مثل مبادئ الاقتصاد لتوماس سويل يعتبر بداية جيدة.

mHatHut@