عبدالله الأعرج

النزل القروي العائلي

الاحد - 25 يوليو 2021

Sun - 25 Jul 2021

في كل عام ومع مطلع الإجازات تعاود كثير من الأصوات التذمر حول المبالغة في أسعار النزل السكنية من فنادق وشقق وقرى مقابل الخدمات المتواضعة التي تقدمها تلك النزل!

هذا التذمر حق مكفول للمستفيد، لا سيما ونحن نتحدث عن سائح يدفع مالا في سبيل أن يلقى جمالا يوازي كل ورقة بنكية دفعها في سبيل الحصول على إقامة تليق به وبمن جاء في معيته!

ولأن التركيز الدائم حول توصيف التحديات والتذمرات والإشكاليات حول أي خدمة لا يمثل قيمة إلا حين تتبعه اقتراحات وحلول لعلاج تلك التحديات فإنني أقترح أن يتم تبني مفهوم السكن القروي العائلي!

وأعني بذلك أن يسمح للأفراد والأسر التي تملك عقارا في القرى والهجر السياحية من المملكة باستثمار عقاراتهم في سبيل تحقيق سياحة ترتقي إلى مستوى وذائقة القادمين لتلك المناطق، ولا سيما أن المالك الفردي للنزل الصغير في قرية ما من الوطن سيكون حريصا جدا على أن يقدم خدمة تجذب السياح تماما كحرصه على أن يكون عقاره في غاية الجاهزية والاكتمال فهو نزل للضيوف بالمواسم وسكن له بقية العام!

هذه النزل السكنية يجب بتقديري أن تخضع لجملة من الاشتراطات التي تضمن تفردها وتقديمها لخبرة سياحية لا تنسى لكل من يفد إليها ومن تلك الاشتراطات ما يلي:

1 - أن يحمل النزل اسما وشعارا مميزا يتوفر في محركات البحث، ومكاتب السياحة وفي كتيب السفر والترحال الذي يوزع بالمطارات ومنافذ الدخول للمنطقة الإدارية.

2 - يمنع منعا باتا استخدام اللوحات الكبيرة حجما والكئيبة تصميما على واجهات مبنى النزل القروي وأن يكون على شكل لوحات ريفية الطابع من الخشب أو المعدن أو الصخور بحيث ينحت عليها اسم النزل بشكل جاذب وجميل ومختلف.

3 - يشترط أن تقدم الخدمة بنكهة عائلية أو محلية بمعنى أن يكون كل من يعمل بالنزل القروي بدءا من إجراءات الدخول ومكتب الاستقبال البسيط وخدمات الطعام والغرف والصيانة من أصحاب النزل أو أهل القرية المحليين التي يوجد بها النزل.

4 - يشترط أن يخضع النزل لتسعيرة موحدة تزيد وتنقص بموجب الخدمات التي يقدمها وفقا للإغراءات السكنية والترفيهية والأجواء المحلية التي يقدمها النزل.

5 - يرتبط النزل الكترونيا بكل القطاعات التي يحتاجها السائح من أمن وسلامة وتنقلات من مطارات وحافلات وهيئات سياحة وترفيه محلية وأماكن عبادة وجمعيات رحالة وهواة تسلق وترفيه وغيرها ويقدم كل خدمة منها مقابل مبلغ مالي يتناسب مع طبيعة الخدمة المقدمة.

6 - لا مانع من وجود تضامن بين أكثر من نزل داخل القرية أو القرى المتجاورة والتنسيق لإحياء ليالي سمر شعبية وأسواق قروية للمنتجات المحلية ومجالس لأحاديث كبار السن بالمنطقة واسترجاع تاريخ المكان وجغرافيته وإنثربولوجيا الإنسان وفرق مشاة وفعاليات ترويحية للجنسين هناك.

7 - يشترط لأي نزل قروي أن يقدم خدمة الإنترنت والاتصال كجزء أساسي من باكيج السكن.

8 - يكون هنالك تقييم لما تقدمه هذه النزل وفقا لاستطلاع آراء السياح وما يكتبونه من تقييم حول خبرتهم السكنية وتخضع عملية تجديد رخص النزل وإعادة تصنيف مستوى الخدمة وتصنيف درجة النزل وفقا لتلك الآراء.

وحين نتبنى هذه الأفكار للنزل القروية ستتحقق منافع كبيرة منها:

1 - إسعاد السائح، وذلك بتقديم سكن يناسب المبلغ الذي تم دفعه.

2 - إيجاد مصدر دخل محلي للسكان المحليين ووظائف موسمية مقنعة.

3 - الدفع بالمفهوم العصري للسياحة بعيدا عن أماكن التكتلات البشرية المعتادة والنزل المكررة والأماكن المتداول ذكرها بين الناس.

4 - إحياء الموروث الثقافي بجميع أشكاله وتنويع تجربة السائح الداخلي والخارجي وإظهار جمال التنوع الثقافي المحلي.

5 - إعادة الوهج للقرية والريف كمكان للنزهة والاستجمام لا مقر سكن حصري لأهلها.

6 - استغلال العقارات القروية المهملة التي يعمل معظم أصحابها بالمدن الكبيرة وخلق فرص للهجرة العكسية للقرى.

7 - مواكبة الخبرات والترند العالمي الذي يقوم جزء كبير منه على الاستفادة من السياحة الريفية ذات المقومات الجاذبة والمختلفة.

وكم أتمنى أن تتبنى الجهات المعنية هذه الفكرة، فهي عصرية في طبيعتها، مغرية في مكوناتها، تحقق منافع اقتصادية وثقافية وبيئية واجتماعية لكل أطياف المجتمع المحلي والوطني والخارجي.

dralaaraj@