مرزوق بن تنباك

هؤلاء يعيشون خارج منظومة العالم

الثلاثاء - 13 يوليو 2021

Tue - 13 Jul 2021

يتساءل المسلمون اليوم ما سبب ما يلقون من جفاء وعدوان من العالم؟ ويحتار العقلاء منهم لمَ الجفاء والبغضاء والنظرة الشزراء التي يرونها ويحسون بوجودها ولا يعرفون ما وراءها من أسباب؟ ومن حقهم أن يتساءلوا ويستغربوا ما يرون من جفاء العالم وعدم عدله نحوهم ونحو قضاياهم ولم يكن هذا الشعور وليد الساعة بل صحبهم أكثر من مئة سنة أو تزيد، وقد قلبوا وجوه الحيل والأسباب ولم يجدوا ما يفسر أو يبرر وقوف الناس هذا الموقف العدواني، وكان بحثهم منصبا على أن العالم يجهل فضائلهم ويتنكر لتاريخهم ويخاف من ثقافتهم التي ترهبه ويخشى أن تعود قوتهم ودولتهم فتحطم وجوده ومستقبله وهو السبب الوحيد الذي هداهم بحثهم إليه ولا شيء غير ذلك.

والعالم الذي يشكو المسلمون جفاءه وغضبه وعدوانه ليس عالما واحدا ولا دولة واحدة بل هو عالم برؤوس عدة مختلف اللغات ومتناقض المصالح والاتجاهات والثقافات والديانات، والمسلمون يزعمون حتى مع هذا الاختلاف بين الأمم أن العداوة حاصلة منهم جميعا، والسؤال الذي يفرض نفسه هو كيف أجمع الناس على عداوة المسلمين ولم يحصل استثناء من أحد وكيف عرف المسلمون الإجماع ضدهم من العالم الذي يحيط بهم؟

من يزعم أن العالم ضدهم هم المسلمون أنفسهم الذين يؤكدون ذلك ومجمعون عليه ومتأكدون من العداوة التي يضمرها لهم من حولهم بلا سبب في رأيهم.

لكن الواقع أن فيه سببا عرفه العالم الذي يعادي المسلمين وسمعوه من لسان أكبر عالم معاصر يبث آراءه في الفضاء المفتوح للبشرية كلها ويتبعه ملايين المسلمين، ولنسمع ماذا يقول الشيخ الحويني وماذا يعد أتباعه المسلمين إن قدروا: ((... إذا انتصرنا في الجهاد، شيء طبيعي أن نفرض أحكام الإسلام على البلاد التي دخلناها، أحكام الإسلام تقول إن كل الناس الذين في البلد أصبحوا غنائم وسبايا، نساء رجال أطفال أموال دور حقول مزارع كل هذا أصبح ملك الدولة الإسلامية، بقينا أغنياء وإلا لا، دخل الخزينة فلوس وإلا لا، والفلوس تروح سويسرا ما حدش يحول، مش حد بحول حاجة، كلهم دينين خيرين، طيب الناس هؤلاء مصيرهم أيش في الشرع، مصيرهم أنهم كغنائم يوزعون على الحاضرين، هناك قانون كما في الحديث أن من لم يحضر الغزوة مالوش نصيب في الغنيمة، إذا دخلنا بلد وعددهم نصف مليون نشوف عدد المجاهدين كم عددهم، عددهم مئة ألف خلاص كل واحد من المجاهدين يأخذ خمسة أشخاص، تأخذ لك اثنين رجاله واثنين ستات وعيل، وهذا يقابله شيء اسمه سوق النخاسة وهو سوق بيع العبيد والإماء والأطفال وكل رأس من هذه الرؤوس له ثمن كل واحد من هؤلاء له ثمن، عندي خمس رؤوس مش محتاج حد منهم اعمل فيهم إيه، أروح أبيعهم في السوق بثلاثمئة يقبض ويمشي ...)).

هذا التنظير لفرض أحكام الإسلام كما يقول الشيخ أبو إسحاق الحويني بصوته وصورته وهي استعباد الناس وبيعهم في سوق النخاسة إن قدر أعلنه أمام العالم وهو سبب العداوة الذي لا يعرفه المسلمون، والناس كافة ستقف ضد من هذا فكره وتنظيره ولا سيما أنهم سمعوا النظرية من لسان الشيخ أبي إسحاق الحويني التي تجيز استعبادهم ورأوا التطبيق عند داعش حين استطاعت أن تطبق.

والسؤال أو الاستشكال لن يوجه للحويني وتنظيره ولا لداعش وتطبيقها هؤلاء يعيشون خارج منظومة العالم، إنما السؤال والاستشكال يجب أن يوجه لرجال الدين العقلاء الذين يعيشون الحاضر ويعرفون الممكن والمستحيل ويقرؤون تاريخ التراث ومراحل نشوئه وتطبيقه ولا يجب أن يتركوا تفسير نصوص التراث لمن لا يدرك الحال الذي هو فيه، ولا يعرف العالم الذي يتعامل معه ويحيط به، هل من علماء عقلاء يصفون الإسلام للناس وأحكامه بغير ما يصفه الحويني وما تطبقه داعش؟ لعل وعسى.

Mtenback@