عبدالله العولقي

الرواية العربية والترجمة

الاثنين - 21 يونيو 2021

Mon - 21 Jun 2021

انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي صورة للأديب الراحل نجيب محفوظ وهو يتصفح جريدة الأهرام، ويبدو على الصفحة الأولى خبر فوزه بجائزة نوبل العالمية، وقد علق البعض على الصورة: «قمة الثقة، أن تقرأ خبر فوزك بجائزة نوبل ثم تقلب الصفحة»، هكذا علق محبو أدب نجيب محفوظ والذي يعد أكثر أديب عربي ترجمت أعماله إلى اللغات الأجنبية، ولا تزال رواياته تحظى باهتمام دور النشر العالمية.

لا شك أن الترجمة هي أهم وسيلة إنسانية للتواصل بين الشعوب والمجتمعات البشرية، بيد أن ترجمة الأعمال الأدبية كالشعر والرواية يحتاج إلى نوع من المهارة اللغوية ودرجة عالية من الإحساس الفني، وأعني أن على المترجم نقل ذات إحساس الكاتب ومشاعر الشخصيات الروائية ذات العمق الإنساني الموجود في أصل الرواية، وهذا ما صنعه المترجم الشهير أنيس عبيد في السينما العربية، حينما ترجم أهم الأعمال الفنية الغربية كـ(روميو وجولييت) إلى العربية، كما يعد أبوبكر يوسف أحد أبرز مترجمي الأدب الروسي إلى العربية، لكن على الجانب الآخر هناك العديد من المترجمين العرب الذين فقدوا مهارة الإحساس الفني وانعدمت لديهم الذائقة الفنية، فكانت أعمالهم مجرد ترجمة حرفية للرواية!!.

وقبل بضعة أشهر، رحل عن عالمنا المترجم الشهير صالح علماني، والذي أهدى للمكتبة العربية جواهر نفيسة من روايات الأدب اللاتيني، فيعد علماني أهم من ترجم أعمال الأديب العظيم غابريل ماركيز مثل (مائة عام من العزلة، والحب في زمن الكوليرا)، بالإضافة إلى ترجمته لأعمال الأديب ماريو بارغاس يوسا، وأعمال الأديب البرتغالي الشهير جوزيه ساراماغو، بالإضافة إلى مسرحيات الشاعر الأسباني لوركا، ولعلماني فلسفة شهيرة يرددها دائما «أن تكون مترجما بارعا أفضل من أن تكون روائيا سيئا».

وأعجب قصص المترجمين، تعود إلى الأديب مصطفى لطفي المنفلوطي، والذي لم يكن يجيد اللغة الفرنسية، ولكنه أثرى المكتبة العربية بمجموعة أنيقة من روائع الأدب الفرنسي عبر أصدقائه الذين كانوا يتنافسون فيما بينهم على ترجمة تلك الأعمال إلى العربية، ويتهادونها في صوالينهم الثقافية، فكان المنفلوطي حريصا على تلقي تلك الترجمات وقراءتها بتمعن الكاتب، ثم كان يعيد صياغتها بأسلوبه الأدبي الرفيع.

وأخيرا... بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، حدثت اندفاعة عالمية للتعرف على طبيعة العقل العربي وذهنيته عبر ترجمة أعمال بعض الروائيين العرب كيوسف إدريس، وعبدالرحمن منيف، وغسان كنفاني، والطيب صالح، ولكن بعض تلك الأعمال كانت متمردة عن سياق ثقافتها المحلية، وبعيدة عن واقع المجتمعات العربية، فلم تعكس -وللأسف الشديد- الصورة الفعلية للثقافة الإسلامية، بل ربما أحدثت العكس، فالإبداع الروائي قد يفسر لدى البعض بالتعبير الفني عن حالات الندرة وليس العموم، ووظيفته لا تتعدى الإبداع الفني، وعلى الجانب الآخر، يصر بعض المثقفين على طرح تساؤلهم الثقافي: هل نجحت الرواية العربية المترجمة إلى الآداب الأجنبية في إيصال الرسالة الثقافية العربية إلى المتلقي الآخر؟.

@albakry1814٫