محمد النفاعي

خورزمة الإدارة... خيال علمي أم واقع قادم؟!

الاحد - 20 يونيو 2021

Sun - 20 Jun 2021

العالم الآن يعيش المراحل الأولى من الثورة الصناعية الرابعة، حيث ظهرت تقنيات Artificial Intelligence الذكاء الاصطناعي وBig Data البيانات الضخمة والروبوتات وتعليم الآلات وتقنية النانو، وتطبيق الطباعة الثلاثية الأبعاد في الصناعة والإنتاج. بدأنا نعيش مرحلة طغيان العالم الرقمي ودمجه مع حياتنا اليومية من خلال التحول الرقمي digital transformation. هذا التحول الذي من نتائجه تغير ثقافي cultural shift ظهر وبان تأثيره للعيان لدى المجتمع بشكل عام والمؤسسات والموظفين بشكل خاص. لذلك يجب التعامل معه باحترافية وبطرق غير تقليدية لتحفير التعاون الرقمي digital collaboration مع السماح بالمرونة Agility اللازمة لذلك للتصدي للمتغيرات من حولنا.

هذه المتغيرات تعتمد على خوارزميات ذكاء اصطناعي تتحسن باطراد، حتى استولت على الكثير من المهام اليومية وبدأ يتغلغل أثرها رويدا رويدا في جميع مناحي الحياة من حولنا، فنجده في الطب ووسائل التنقل والاقتصاد والاتصالات وغيرها. فهل يمكن أن تغزو الخوارزميات والتي تتطور حثيثا يوما ما علوم الإدارة والحياة العملية داخل المجتمع الوظيفي؟ أي ببساطة، هل يمكن خورزمة الإدارة أيضا؟

قبل الإجابة على هكذا تساؤل، لنتعرف أولا على ماذا نعني بالخوارزميات. الخوارزمية كما جاء تعريفها في كثير من المصادر على أنها مجموعة من الخطوات الرياضية والمنطقية والمتسلسلة اللازمة لحل مشكلة ما.

وسميت الخوارزمية نسبة إلى عالم الرياضيات المسلم أبو جعفر محمد الخوارزمي، وبالغوص قليلا في الخوارزميات نجد أساسياتها هي: التسلسل (sequence)، الاختيار (selection)، التكرار (repetition)، أي هي تمكن الآلة من اتخاذ القرار بشكل أسرع ومتكرر بالاعتماد على قدرة الحاسب الآلي المتطورة للقيام بالحسابات المعقدة والتعامل مع الكميات الهائلة من المعلومات.

لذلك تعبر الخوارزمية عن طريقة منهجية لحل مسألة معينة على وجه قابل للتنفيذ الآلي. نتفهم من ذلك سهولة (نوعا ما) تطبيق خوارزميات، كما هو واقع الآن، في المجال الطبي والاقتصادي والمواصلات والاتصالات بعد مزج المنهجية والمنطق مع العلم والإبداع البشري.

بلا ريب، الإدارة ليست بمعزل عن هذه العلوم بتاتا، فنحن نحتاج إلى علم الإدارة للمساعدة على تحقيق الأهداف لهذه المجالات باستخدام الأساليب العلمية المختلفة. فالإدارة هي: «القدرة على ضبط الموارد التي تقوم عليها المنظمة أو المؤسسة من موارد بشرية، موارد مالية، ومعلومات وغيرها». عامة تعمل الإدارة من خلال خمس وظائف أساسية: التخطيط والتنظيم والتنسيق والقيادة والسيطرة.

لذا أرى أن خورزمة الإدارة يمكن تطبيقه أو تطويره لبعض حالات العمل (business cases) الإدارية المتعلقة بالتنظيم والسيطرة والتنسيق وبالتحديد للقيادات الدنيا والوسطى والتي يمكن تحويلها إلى تفكير منطقي يمكن تقديمه في صورة وثيقة مكتوبة بشكل جيد لعلماء الذكاء الاصطناعي لنمذجته.

أغلب هذه الحالات تكون ضمن الخدمات اللوجستية المساندة للإدارة.

لتحسين قدرة المنظمة على سن قرارات إدارية عقلانية ودقيقة متعلقة بالقيادة والتخطيط. لذلك من الممكن استخدام أو تحسين وترقية الخوارزميات الموجودة الآن مثل التحليل الإحصائي، الرسم البياني والبحث والفرز وتنقيب البيانات وغيرها. ما أراه غير ممكن حاليا هو خورزمة المهارات الناعمة soft skills المتعلقة بالقيادة والتخطيط مثل التعاطف، بعد النظر في التفكير، إدارة الأزمات والتحليل المنطقي والإلهام والتأثير وبناء العلاقات.

وفي النهاية، يمكن القول «إن خورزمة الإدارة واقع قادم إن أحسنا توظيفه لصالح المؤسسة والمجتمع الوظيفي. وهي لن تمس أساسيات الإدارة بشكل عام ولن تؤثر على الوظائف القيادية وخاصة القيادة الدنيا والوسطى، ولن تفعل أشياء مختلفة لتحقيق الأهداف وتنفيذ الاستراتيجيات، بل ستساعدنا على فعل نفس الأشياء، ولكن بشكل مختلف وبشكل أسرع يواكب المتغيرات من حولنا». وكما قال جون ف. كينيدي «التغيير هو قانون الحياة وأولئك الذين ينظرون إلى الماضي أو الحاضر فقط من المؤكد أنهم سيفوتون المستقبل».

@msnabq