عبدالحليم البراك

لست سوى مشاهدة فقط!

الثلاثاء - 15 يونيو 2021

Tue - 15 Jun 2021

قامت سيدة متابعة لإحدى الشهيرات بإسداء النصيحة لتلك المشهورة بالسناب قائلة لها «إن ما فعلتِ لا يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا»، فما كان من رد السيدة الشهيرة (اصمتي، أنت لستِ إلا مشاهدة واحدة، قدرك أن تتابعي وأنت صامتة)، قال صاحبي:

مهما قال لكم مشاهير السناب ومواقع التواصل الاجتماعي (أهلا متابعيني الأعزاء، اشتقت لكم) هو لم يشتق لكم في الحقيقة، بل اشتاق لكونكم رقما يزداد كل يوم، مجرد رقم يقدمه للمعلن لكي يقدم ما يبرر السبب القوي للتاجر، يدفع مبلغا فلكيا خياليا لإعلان من ثوان محدودة لديه، لأن عدد متابعيه بالملايين، ويشترون كل ساقط ولاقط يضعه في حسابه، ما يحتاجون وما لا يحتاجون، إذن تذكر عزيزي متابع المشاهير أنت لستَ سوى مشاهدة من ضمن ملايين المشاهدات، لست رقما مهما بل مجرد مشاهدة لا أكثر، لكن عندما تنسحب سيعرف صاحب الحساب خطأ حساباته!

قال صاحبي أيضا:

- إن قال صاحب الحساب الشهير أحبائي، أعزائي، أصدقائي، فثق أنك لستَ حبيبه، وإلا لمَ يتهجم عليك في أول اختلاف رأي بينك وبينه؟ إذن أنت لست إلا مشاهدة أما صديقه العزيز الحقيقي فهو المعلن، والشهرة، أما أنت لست إلا وقود الشهرة، حطب الإعلان فقط!

أضاف صاحبي تعليقا على ما يحدث:

- أنت عزيز عليه في الفيديو، لكنه لو رآك في الواقع لتكبر عليك، واستعلى، ولم يرك إلا مزعجا له في يومه، فهو لا يستفيد منك في أرض الواقع، بل جل استفادته منك أن تكون رقما ومشاهدة من ضمن ملايين المشاهدات التي يجمعها في حسابه، حتى يمرر من خلالك دخله الذي يزداد يوما بعد يوم، أما أنت فإما أن تشتري من بضاعته التي روج لها ولم تكن محتاجا لها، أو أن تذكر للناس عن قصصه السامجة أو سفرياته الباذخة أو شذوذ حركاته التي تخرج منه ليكسب مزيدا من الشهرة ويبقى في المشهد.

قال صاحبي ذات مرة:

- في كل مرة يختفي أو يغيب المشهور عن قناته أو حسابه، فإنه يعود يحذوه الشوق لكَ، فميز عزيزي المشاهد هل الشوق لكَ أم لجيبك، لكَ أم للمعلن، لكَ أم للشهرة التي غاب عنها، لكَ أم لحسابه البنكي الذي اهتز قليلا بسبب إنفاقه الباذخ، فجاء لتعبئته منك وعن طريقك، يلاحظ صاحبي بعض عبارات بقوله:

- إن قال الشهير «جبت لكم» فاعرف أنه فخ يحفر لك لتشتري من مالك ما يدخل جزء منه لجيبه، وإن قال الشهير «لقد جربت هذا» فثق بعكس كلامه تماما، وإن قال «متابع عزيز قال لي» فثق أنه يحاول أن يمرر محتوى جديدا فارغا لا قيمة له، ولا يقصد متابعا حقيقيا بل يقصد رقما آخر مثلك.

أخيرا قال صاحبي:

- أنا لا أسمح لنفسي أن أكون رقما في حساباتهم الهزيلة، بل أنا لا أتابع إلا من يضيف لي شيئا أستفيد منه، وإن اضطررت في وقت ميت لي، وفي وقت فراغ أن أنفق وقتا على هؤلاء، فإني أستجمع حس الشفقة والرحمة لهم بأن يغفر الله لهم خطيئتهم بالترويج لبضائع مضروبة أو لخلافات مصطنعة، أو دراما يصنعونها مع أقاربهم ومع عملائهم من أجل كسب جيوب الناس، بالمناسبة كل البضائع الأصلية هي ما يلبسها ويقتنيها من المتاجر الشهيرة التي تهدي له بلا مقابل، أما إعلاناته فهي للمقلدات والمضروبات ولا يترك لك إلا النطيحة والرديئة وما أكل السبع، فالبضائع الجيدة لا تحتاج لترويج مشاهير السوشل ميديا.

Halemalbaarrak@