عبدالله قاسم العنزي

جريمة شهادة الزور

الاحد - 13 يونيو 2021

Sun - 13 Jun 2021

اصطلح الفقهاء على أن الشهادة هي (إخبار عدل حاكما بما علم، وهي الإدلاء بأقوال حول واقعة سبق إدراكها، أو الإدلاء الصادر في جلسة المحكمة، بقصد إثبات واقعة)، وللشهادة أهمية بالغة في النزاعات القضائية كونها إحدى وسائل الإثبات والأدلة التي يستند إليها القضاء في أحكامه التي تصدر عنه إذا اعتمدت المحكمة في تكوين قناعتها على شهادة تعمد المدلى بها إخفاء الحقيقة لدوافع عاطفية أو مادية خاصة.

وإن جريمة شهادة الزور تعتبر من الجرائم التي ينصرف ضررها مباشرة إلى العدالة إذ يقصد بها تضليل القضاء فضلا على الضرر الذي يصيب الأفراد وأموالهم وحرياتهم بل وفي أرواحهم أحيانا ولا يقلل شأن هذه الجريمة القول بأن الشهادة ليست هي الدليل الوحيد للإثبات، فمن المعلوم أن في القضايا الجنائية خاصة غالبا يعتمد على الدليل المستمد من أقوال الشهود.

وحتى نكون أمام جريمة شهادة الزور لا بد من وجود ثلاثة أركان وهي: صدور فعل مادي به هو تغيير الحقيقة في شهادة بيمين أمام القضاء تؤدي إلى ضرر والضرر في شهادة الزور ركن موضوعي قائم ويتم ذلك بقصد جنائي كما أن شهادة الزور من الجرائم العمدية فيلزم لقيامها القصد الجنائي وعلى ذلك تكون أركان جريمة شهادة الزور على النحو التالي:

أولا: صدور فعل ويقصد به تغيير الحقيقة في الشهادة، وهو جعل واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة ويتوافر تغير الحقيقة بإنكار الحق أو التأييد الباطل تضليلا للقضاء، وليس من الضروري أن تكون الشهادة كلها كذب من أولها إلى آخرها بل يكفي أن يتعمد الشاهد تغيير الحقيقة في بعض وقائع الشهادة دون بعضها الآخر.

ثانيا: الضرر وهو الركن الثاني في الجريمة بذاته تقوم بقيامه مع باقي الأركان الأخرى وتنتفي بانتفائه والضرر المقصود وهو الذي يحدث فيه تضليل للقضاء يعد ضررا أدبيا عاما يغني عن البحث في توافر الضرر الذي يلحق خصما في الدعوى ماديا كان أم أدبيا فيمن يشهد لصالح متهم كذب بقصد تخليصه من العقاب يعد مضللا للقضاء وبالتالي تكون شهادة زور.

ثالثا: القصد الجنائي لاعتبار أن الجرائم ليست كيانا ماديا خالصا قوامها الفعل وآثاره، ولكنها كذلك كيان نفسي وهو اتجاه إرادة الشاهد إلى تغيير الحقيقة فالقصد الجنائي وشهادة الزور جريمة عمدية كما أشرنا يلزم لقيامها توافر النية السيئة أي انصراف إرادة الشاهد الجاني إلى تغيير حقيقة واقعة أدلى بها أمام القضاء بقصد وسوء نية لتضليل عن الحقيقة.

وفي الختام فإن شهادة الزور من كبائر الذنوب، وشاهد الزور ظالم مجرم يقف في وجه العدالة ليضيع الحقوق على أهلها وقد حذر منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما جاء في الحديث، عن أبى بكرة رضى الله عنه - قال: «كنَّا عند رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر.؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين وشهادة الزور وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - متكئا فجلَس، فما زال يُكرِّرها- أي شهادة الزور- حتى قلنا: ليتَه سكت».

expert_55@