علي المطوع

عاد والعود أحمق

الاحد - 13 يونيو 2021

Sun - 13 Jun 2021

عاد من رحلة الابتعاث متسلحا بشهادة نوعية كرتونية، نوعية كونها في تخصص دقيق من جامعة عريقة ومن بلد علمي أعرق، وكرتونية كونها في أول تجلياته الإدارية والشخصية أظهرت جهله وعواره، فلم تنقله على مستوى التجربة والحنكة من مستوى إلى مستوى أفضل، بل أسهمت في جعله متدنيا وبدائيا في أساليب تفكيره، وطرائق تعامله مع أقرانه ومجايله، كون هذه الكرتونة رسخت فيه أنا زائفة وأنانية مقيتة، ذلك مآل (بعض) المبتعثين الذين تستثمر فيهم برامج الابتعاث أموالا كثيرة وأزمانا مديدة في سبيل وضعهم على خارطة التميز عاملين أكفاء لا يشق لهم غبار.

كثير من المبتعثين يعودون وهم منارة علم وعمل ومعارف ثقافية صالحة، اكتسبوها من تلك المجتمعات المتقدمة ماديا وعلميا، تجد المتميزين منهم يصبحون لبنات صالحة تعمل وتنتج في المرافق الخدمية وفي المجتمع، كونهم جمعوا الحسنيين، حسنة العلم والمهارة التخصصية وحسنات تلك المجتمعات الإنسانية التي فيها الكثير من الصور الفاضلة والفاصلة بين جيد ونقيضه وسيئ وأسوأ.

أما البعض، وهم قلة لا يفسدون نقاء وطهارة الصورة المشرقة لهؤلاء الكرام، فعنهم أتحدث هنا وأسهب، فصورهم العارضة والمضحكة تمر بنا في مرافقنا الخدمية ومجتمعاتنا الإنسانية، فهم على مستوى الورق مؤهلون مجازون، لكن على الجانب التطبيقي تجدهم يعيشون مراهقة متأصلة وربما متأخرة، وخاصة عندما يتسنمون مهاما إدارية عاجلة بعيدة عن مجالاتهم الأصلية والأصيلة، هؤلاء الصغار يعشقون الأضواء ويحاولون قدر الإمكان التسلط باسم النظام، يمارسون عبثا إداريا وتجاوزات قد تصل إلى المشين والمعيب في حقهم كبشر قبل أن يكونوا متعلمين، فتجدهم سماعون للكذب ناقلون لبعضه بين الفئات العاملة إما جهلا أو خسة جبلوا عليها أو اكتسبوها مؤخرا.

هذا النشاز الغريب وعلى ندرته - والحمد لله - يظل في نشأته وتجربته كالفلين في بياضه الفاقع كونه تعرض لعمليات تدوير مركزة ومعالجات شكلية منتظمة ومستمرة تكون لصالح الشكل على حساب المضمون، لا يتشرب الماء ولا يشربه، بمعنى أنه ضد التجارب الإنسانية علما وتعلما ويظل في تحركاته ونشاطاته أسيرا لمنهج خاطئ وقناعات غريبة تجعله بمقاييس الخبرة والحنكة طفلا صغيرا لم يبلغ الحلم ولن يبلغه.

أما استعمالاته فلا تتعدى أن يكون قطعة لعب على رقعة الشطرنج أو سدادة فلينية تمنع التسرب لكنها لا تحافظ على المحتوى، بالضغط يتماهى وينسجم مع ما يراد منه ويطلب، وبعد زوال هذا الضغط يعود سيرته الأولى صندوق فلين على أحسن أحواله يحتوى ولا يحتوي، قد يتميز بمساحة حضور كبيرة ولون فاتح ملفت، لكن وزنه النوعي والذي يعني تأثيره يظل منعدما، لا يتواءم مع تلك المساحة الحضورية التي أعطيت له خطأ في غفلة من صانع القرار الذي خدعه المظهر وسيصعقه المخبر في قادم الأيام.

alaseery2@