نمر السحيمي

المجالس العلمية في الجامعات ورؤية المملكة 2030

الاحد - 30 مايو 2021

Sun - 30 May 2021

هناك سؤال يحب أن يجد إجابته الصحيحة كل من مر من بوابة الجامعات، لكن هذا السؤال لا زال يموت قبل إجابته الصحيحة المفقودة أصلا.. ما علاقة المجالس العلمية في الجامعة برئيسها؟

الإجابة الخطأ أن (هذه المجالس تمارس الصلاحية الكاملة لقراراتها ذات الشأن العلمي والإداري بعيدا عن اختصاصات رئيس الجامعة)، وهذه الإجابة تستنبط من روح النظام، لكنها للأسف خطأ في جانب التطبيق؛ وما دامت خطأ فـي جانب التطبيق فلا يمكن أن تتوافق مع رؤية المملكة 2030.

وهذا ما سيتم إيضاحه في هذا المقال.

فالمعلوم أن رئيس الجامعة يعين بأمر ملكي، وبهذا التعيين فهو يرى أنه مسؤول مسؤولية كاملة عن الجامعة مهملا كل الأنظمة التي تضبط أعمال الجامعة من أجل هذه المسؤولية، وفي إطار تلك المسؤولية يعني ذلك أنه مسؤول عن قرارات أي مجلس من مجالس الجامعة؛ فكيف يباشر مسؤوليته إذا قرر مجلس ما في جامعته قرارا يخالف رغبته أو قرارا يعتبره هذا الرئيس مخالفا لهواه؟

الحل المعمول به في الجامعات السعودية لمثل هذه الحالات هو إعلام رئيس الجامعة بأعمال المجالس قبل انعقادها بيومين أو ثلاثة ليقر هو ما يشاء فتقره المجالس أو يرفض هو ما يشاء فترفضه المجالس؛ وذلك حتى لا يحدث التعارض فتوافق المجالس على مالا يريده الرئيس.

من هذا الحل يكون رئيس الجامعة قد صادر صلاحية مجالس الجامعة في اختيار قراراتها بشكل نهائي، وأصبح وجود أعضاء هذه المجالس لا يتجاوز التواجد والمسمى كعضو أو أعضاء مجلس قسم كذا أو كلية كذا... إلخ.

المشكلة الأعظم من هذه المصادرة غير القانونية هي في استعمال رئيس الجامعة لسلطة هذه المجالس في حال رفضه لقرار يتعلق بحق مواطن (علمي كان هذا القرار أو إداري)، فالذي سيواجه هذا القرار وتبعاتـه هي المجالس العلمية المسلوبة الصلاحية المباشرة لحق المواطن المسلوب؛ فيظل المواطن مسلوب الحق يواجه السلطة النظامية القوية لهذه المجالس حتى لا يكاد ينصفه منها أحد؛ ويظل رئيس الجامعة المعين بأمر ملكي السالب لهذا الحق بمصادرته لقرار المجلس المعني يتابع آثار قراره السلبي من بعيد معتبرا نفسه بريئا منه كبراءة الذئب من دم يوسف.

إن تعليمنا الجامعي -ونحن نخطو نحو رؤية متكاملة شفافة- لن يدعم هذه الرؤية بجيل مسلوب الإرادة من الأساتذة أعضاء المجالس العلمية في الجامعات، ولن تحقق المجالس العلمية المتخصصة أي إنجازات علمية وهم يؤمنون ويطبقون هذه النظرية في الواقع؛ فأي مخادعة للعقل لا يمكن أن تنتهي به لنتيجة صحيحة مهما كثرت المنتجات وتنوعت المخرجات؛ لأنها بلا فائدة لا للإنسان ولا للوطن.

إن الدولة حين أنشأت الجامعات لتأسيس المواطن الصالح لم تنشئ هذه الجامعات ليكون نظامها في واد وواقعها في واد آخر، كما أنها لم تعين للجامعة رئيسا بقرار ملكي إلا لتطلعات كبيرة وكبيرة جدا تأملها من هذه الجامعة أو تلك.

لذا فإن مسؤولية الجامعات عظيمة فـي إحداث التغيير الإيجابي لتعديل مسارها إلى الطريق الصحيح، والاهتمام بالعقول الوطنية، وتوجيهها بإصلاح الواقع قبل حشوها بالمعلومات؛ فحين يكون الواقع مزيفا فلا يمكن أن يستقيم معه عقل يرجى منه إنجازا نافعا للوطن والبشرية.

وإنني وعبر مشروعي في دراسة واقعنا العلمي والمشاركة به فـي برامج ومشاريع رؤية المملكة 2030، ومتابعة التحول الإيجابي الذي سيطرأ على هذا الواقع أقول إن الأمل معقود -بإذن الله- على نظام الجامعات الجديد وما سيحدثه من تحول إيجابي إلا أنني وبكل شفافية غير مطمئن لهذا النظام في إحداث التحول المأمول كون أنظمة المجالس العلمية في الجامعات هي ذاتها في النظام القديم، ويظل رئيس الجامعة صاحب السلطة المطلقة على هذه المجالس كما كان سابقا، لذا فإن التغيير والتحول إن حدث فالمَعْنِي به مجلس الجامعات إن التفت هذا المجلس لمثل ملاحظتي وإلا فسيستمر الخطأ.

لكنني وكل سعودي مخلص نعلم يقينا أن الوطن ومؤسساته ومستقبل شعبه هو أمانة عند قيادة رشيدة ستضع يدها على الخطأ مهما استمر وجوده.

alsuhaimi_ksa@