علي المطوع

937 من وراء البلاغ وما وراءه

الاثنين - 17 مايو 2021

Mon - 17 May 2021

دشنت وزارة الصحة في عهد وزيرها المبدع توفيق الربيعة خدمة 937 وهي خدمة استجابة سريعة تعنى بخدمة المريض وتسريع حل مشاكله مع الخدمات الصحية ومنشآتها وأفرادها وفق المعايير الطبية الصحيحة، هذه الخدمة يسرت على المواطنين كثيرا من أمورهم واختصرت كثيرا من الوقت واختزلت كثيرا من صور المطالبات السابقة التي كان يحتاجها المريض.

فوق هذا تم ربط مؤشر هام مع هذه الخدمة وهو رضا المستفيد من خلال قياس مستوى ما يقدم له من خدمات في جودتها وسرعة إنجازها، هذا المؤشر يُبقي صانع القرار الصحي ملما بكثير من القضايا الجوهرية التي تهم المريض وفوق هذا تتيح هذه الخدمة لوزارة الصحة كما هائلا من البيانات والحالات التي يمكن أن تساهم في حلحلة الأخطاء وتجاوزها والعمل على عدم تكرارها مرة أخرى.

في المقابل يصبح الممارس الصحي ومن خلال عمله وجهده مرتبطا بهذا النوع من الخدمة، فقياس مستوى رضا المريض شيء مهم للمنظومة الصحية إن لم يكن أهمها على الإطلاق، ومعرفة جوانب القصور والنقص تتأتى من خلال هذه الخدمة وبها أيضا يتم تسريع الإجراءات الهامة والعاجلة التي تقتضيها كل حالة وخصوصيتها وما تحتاجه من تدخل إجرائي عاجل صحيح.

وبما أن الحاجة والمنطق المتعارف عليه يحتمان على صانع القرار إعادة ضبط وتدقيق وتصحيح كل وسائله التي يستخدمها للقياس، فإن التجربة تقول إن هذه الخدمة قد يشوبها شيء من الخطأ تجاه الممارس الصحي، فالواقع يقول إن بعض البلاغات المستقبلة لا يمكن اعتبارها بلاغات صحيحة، إما في طبيعتها كونها إشكالا بسيطا جدا لا يحتاج أن يفتح له بلاغ رسمي، مثال ذلك عندما يأتي المستفيد ويسأل عن رقم ملفه الطبي كونه قد أصبح نسيا منسيا، إضافة إلى ذلك، بعض البلاغات تتكرر متجاوزة المعايير النظامية ومعايير الجودة كأن يُطلب المريض تحويله من طبيب معالج في تخصص إلى طبيب آخر في تخصص آخر دون المرور بالإجراءات النظامية المتبعة وهكذا.

ومن الإشكالات الأخرى التي تبنى عليها بعض هذه البلاغات وتستغل ضد الممارس الصحي، أن يتم تحويل مريض إلى أحد المستشفيات التخصصية الكبرى، وبعد أن يتم تحويله إلى هناك تفاجأ بطبيب آخر في مركز آخر، يتعاطى مع الحالة بشكل مفاجئ وغير مجدول، ويبدأ بسؤال المستشفى الطرفي الذي حول الحالة عن بعض المتعلقات التي تخص هذا المريض مثل التقارير الطبية والشعاعية والشرائح الزجاجية والقوالب الشمعية، وعندما لا يستطيع المستشفى الطرفي تلبية رغبة هذا الطبيب ومريضه القريب لسبب إجرائي وجيه، يتم شحن وتحريش المريض وأقاربه بعبارات استفزازية غير مهنية مما يوهمهم أن هذا المستشفى الطرفي مقصر ومنسوبوه متخاذلون، وهنا يستنجد المريض المغلوب على أمره بخدمة 937 لإثبات تقصير شخص بعينه في هذا المستشفى الطرفي، يحصل البلاغ ويوضع فيه اسم ذلك الممارس الصحي كمتهم بريء لا ذنب له، سوى فهم قاصر لطبيب صغير قليل الخبرة في مركز بعيد، تعامل مع حالة هذا المريض بطريقة أقرب للفزعة منها للإجراءات الصحية الصحيحة.

وهنا يبرز السؤال الأهم من يحمي الممارس الصحي من هذه البلاغات الكيدية، والتي قد تسبب له كثيرا من المشاكل داخل نطاق عمله وخاصة أن بعض أقارب المرضى يتسببون في هذه المشاكل إما قصدا أو عن سوء فهم وفي كلتا الحالتين النتيجة تؤذي الممارس الصحي وتخرجه عن نطاق اختصاصاته ومهامه الأهم؟ فالمعروف أن آلية إقفال البلاغ تتطلب إنهاءه بطريقة ترضي الشاكي، ورضاه الذي يريده قد يكون في أذية هذا الممارس الصحي الذي لم يقصر أصلا في أداء واجبه المهني، كل ما في الأمر أن هذا الشاكي لم يفهم أو لا يريد أن يفهم.

وعليه فإن من حق الممارس الصحي المفترى عليه أن يجد وسيلة تحفظ له حقه وتعيد له هيبته داخل المكان وخارجه من خلال إقرار أنظمة تساعده على تصعيد هذه الشكوى الكيدية إلى النيابة العامة أو أي جهة رقابية أو حقوقية تستطيع وفق النظام مساءلة الشاكي عن دوافعه الحقيقية التي بموجبها رمى هذا الممارس الصحي بتلك الفرية وذلك التقصير، وهذا الأمر إن تم فإنه يزيد من فاعلية خدمات 937 ويرفع من مستوى ثقة الممارس الصحي في مرجعه كون حقوقه محفوظة مصانة من قبل النظام وآلياته التنفيذية، وفي هذا السياق اقترح أن توضع رسالة صوتية تنبه المستفيد المتصل على هذه الخدمة أنه مسؤول مسؤولية كاملة عن بلاغه ومصداقيته وإذا ثبت العكس فإن للجهة المقدمة للخدمة ومنسوبيها الحق في طلب حقها وحقوق منسوبيها العاملين في القطاع الصحي إن ثبت أن شكوى المستفيد كيدية غرضها الإضرار بالممارس الصحي ومنظومته الصحية وسمعتهما في المجتمع.

alaseery2@