شاهر النهاري

متلازمة الزعيم المحبوب والشعب

الثلاثاء - 04 مايو 2021

Tue - 04 May 2021

كثير من زعماء العرب كانت لهم أهداف سامية وتقارب نفسي وحماسي وطني مع شعوبهم.

شعوب تدرك أنها أمام زعيم عظيم عادل يماثلها، ويستحق المكانة بينها، كونه يحقق متطلباتهم وطموحاتهم على المستوى النفسي والعملي والداخلي، والخارجي ويرتقي بتطلعاتهم لمستقبل أفضل، وحياة عز وكرامة.

وكل ذلك لا يمكن فصله عما يشعله شخصه بينهم من تواجد وتحقيق لقيمة المواطن والوطن أمام دول الجيرة والدول العظمى، بمواقف توازن مدروسة جريئة محترمة شجاعة، وسياسة ثاقبة رزينة لا تقبل الذل، ولا تتجبر، أو تميل إلى الزوايا المعتمة.

ويظل المثل العربي متواجدا في شخصية جمال عبدالناصر، بما كان يصارح به شعبه المصري، وكأنه يتحدث مع أسرته الصغيرة، يشرح، ويعيد التنظيم، ويأخذ بأيديهم معه في دقائق مساراته، ويتقاسم معهم تطلعاته، وهمومه، ويشركهم في صنع الوطن والنهضة والقرارات، التي صنعت الروح العربية حينها، ونبذت الاستعمار بقوة وقوف وتلاحم الشعب المصري معه، فكانت المقاومة وأحلام الوحدة العربية، والتجهيز لمعارك كرامة عربية قادرة على رمي العدو في البحر.

الشعب المصري حينها كان مستعدا لرمي أنفسهم للتهلكة وتبقى روح جمال محمولة على الأكتاف، فظلوا يتغنون بوجوده وقراراته، ومواقفه، ويحفظون كل كلمة يرددها، وكأنها صدرت ملحنة مغناة من حنجرة حبيبتهم حينها أم كلثوم.

والكمال لله وحده، فكان أن تفشى الفساد جواره، وكثرت الوجوه الملونة، ووقعت النكسة كارثة سوداء على الشارع المصري والعربي، وتبخرت فيها أحلامهم الوردية، وهم يرون زعيمهم المحبوب يذوق الانتكاس، والهزيمة، وضياع الأحلام، ويدخلهم معه في تذبذبات وركود ويأس وحيرة.

ولم نشهد بعد ذلك زعيما عربيا محبوبا عادلا يلتف حوله شعبه، بنفس المتلازمة، التي تعلي المشاعر، وتدمجها، بإيمان ومحبة مثلما نشهدها اليوم في السعودية مع قيادة الشاب محمد بن سلمان.

متلازمة نهضة قوية تتميز بأن عمادها أجيال الشباب والصغار، ما يدل على ديمومة واستمرارية التلاحم، بكونهم يرونه زعيم رؤيتهم القادمة، المدعومة بجهود ومباركة والده الراعي لنجابته الملك سلمان.

وكم هو مدهش أن الشباب والصغار يدركون ويهتمون ويبحثون، ويؤيدون، ويحلمون، بل إنهم يحفظون كلماته عن ظهر قلب، سواء كان يتحدث عن واقعهم المعاش، أو عن مستقبلهم المتأمل برخاء وطموحات اقتصادية، وعلاقات سياسية دولية، ومواقف مع الدول، الصديقة والجارة، ليصنع لهم الحلم السعودي الأخضر، في العيش الكريم بجنات أرضية يلتقون فيها السلام والأمان والأمنيات بكامل وعيها وألوانها.

لقد بلغ بين فئات شعبه مرتبة الزعيم المحبوب، وأكد متلازمة الثقة والدعم في كل الأحوال، وبما يشابه الانتماء والإيمان، يفرحون بكل فوز يحققه، ولا تنقص ثقتهم ولا تبعدهم الأيام العسيرة عنه مهما تعاظمت الظروف من حوله، لمعرفتهم بأنه يقدرهم، ويواسي بينهم كافة كأسنان المشط، ويسعى لسعادتهم، ولا يسمح لفساد أن يهز صورته في أعينهم.

متلازمة يعرف كل عربي أنها حاضرة بين محمد بن سلمان والشعب السعودي، بدرجات يقين وتوازن وتكامل، ما جعل الأشقاء العرب المنصفون يتمنون لو يكون نصيبهم مثل هذا الزعيم.

وعلى الجانب العربي الآخر المظلم، يغضب بعضهم، ويشتم ويشكك، ويكذب ويعلي الإشاعات، ويتبنى التخوين والمؤامرة.

ولكننا ندرك أن حقيقة ما في قلوبهم مجرد حسد مركب، لعدم تمكنهم من مثل تلك المتلازمة الجميلة مع قادتهم.

shaheralnahari@