محمد النفاعي

الفريد في أول 33 يوما للقائد الجديد

الاثنين - 12 أبريل 2021

Mon - 12 Apr 2021

كانت الريادة للرئيس الأمريكي روزفلت في طرح مفهوم أول 100 يوم في الرئاسة عندما تولى منصبه في العام 1933 بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة عند توليه المنصب. بعد ذلك أصبحت تقليدا في أمريكا في تحديد الأسلوب القيادي للرئيس واستراتيجياته بشكل عام. لم يفت الأمر على مؤسسة هارفارد بيزنس ريفيو فأصدرت كتابا بعنوان «الـ90 يوما الأولى: استراتيجيات مجربة لانطلاق أسرع وأذكى للقائد الجديد» للمؤلف مايكل واتكنز، والذي يستهدف القيادات العليا تقريبا من وجهة نظري الشخصية.

على أية حال، هذا يبين لنا أهمية البدايات عند تولي القيادة في مكان جديد، والتي تحمل في طياتها تجربة جديدة في كل مرة وكأنها التجربة الأولى. هنا حاولت أن أكون أكثر دقة وتوجهت مباشرة بالسؤال لعدد من الزملاء عن أهم الأمور الواجب القيام بها في أول 33 يوما عند تولي منصب قيادي جديد في الإدارة الدنيا Frontline Management لأهميته في تحديد المستقبل الوظيفي.

قبل سرد هذه الأمور، أود مشاركتكم بقصة شخصية حدثت لي عند تولي منصب قيادي في قسم جديد. في الاجتماع الأول للفريق وبعد النقاش العام، اقترحت تغييرا في طريقة إعداد التقرير الأسبوعي. كانت لدي أسبابي المهنية والتي تصب في صالح القسم بشكل عام وكذلك الأفراد بشكل خاص. تفاجأت بعد الاجتماع من اعتراض المؤثرين في الفريق بشكل غير مباشر على الاقتراح قبل بدء التنفيذ، حيث وضع الأمر في إطار مغاير تماما. تداركت الأمر وألغيت الفكرة نهائيا فما نجح مع غيرهم لم ينجح معهم!

والآن سنذكر أهم المهارات والسلوكيات لعبور أول 33 يوما بسلام ونجاح:

• حاول ألا تغير شيئا مما حولك إلا بعد مرور بعض الوقت. وكما يقترح رائد الفضاء الأمريكي كريس هادفيلد في كتابه «دليل رائد فضاء للحياة على الأرض». عند بداياتك في أي بيئة جديدة كن «صفرا». كريس صنف الأشخاص المنظمين في أي بيئة جديدة إلى ثلاث حالات وهم: -1 الأشخاص المسببون للمشاكل والذين يتركون انطباعات سلبية عن أنفسهم ويمثلون عبئا على بيئة العمل، والصفر وهم أناس لا يضيفون قيمة ولا يتركون تأثيرا سلبيا أو إيجابيا، والحالة الثالثة +1 وهم الأشخاص الذين يريدون إثبات أنفسهم من اليوم الأول ويسعون للتميز والظهور مبكرا. ما قمت به شخصيا في قصتي الآنفة الذكر هو أنني تقمصت شخصية +1 مما أدى إلى نتائج عكسية وهذا غالبا ما يحدث في البدايات.

• اهتم كأولية لك أن تأخذ وقتك في التعرف على الآخرين وبيئة العمل جيدا، اجتمع مع كل الموظفين مهما اختلفت مستوياتهم المهنية. اقرأ سيرهم الشخصية وتعرف على احتياجاتهم وطموحاتهم ومشاكلهم قبل التبحر في الأمور والمسؤوليات الإدارية.

• اتخذ عادة التدوين لكل ما يمر بك في هذه الفترة وكما قيل «الحبر الرديء أفضل من الذاكرة القوية». بعد مدة ستتفاجأ من المعلومات التي دونتها وكيف ستساعدك كثيرا لاستخلاص أحكام وقرارات أكثر دقة بعد تعرفك على تقاليد المؤسسة organization culture واستراتيجياتها والمشاريع الموكلة إليك.

• ثق في نفسك وبقدراتك المهنية والقيادية واحترم وجهة نظر القيادة العليا في توليك منصبا قياديا. لا تخجل من استشارة المدراء الأكبر منك ولا تنغمس كثيرا في المكتب وتهمل إنشاء علاقات جيدة مع المدراء الآخرين ولو كانوا منافسين لك والتنور من خبراتهم في كيفية التعامل مع بعض الأمور الإدارية.

• استفد من كونك جديدا، هذه تعتبر ميزة وقتية لديك عند الإدارة العليا والفريق أيضا، ابحث في أهداف المؤسسة وكل ما يتعلق بها من أمور ومقارنتها بما بين تحت يديك من إرث من سبقك. لا تتخذ قرارات بشأنها أبدا حتى تصبح أولوية قصوى من الإدارة العليا.

في النهاية، المهم أن تبدأ حسب إمكانياتك ولا تحاول أن تثير إعجاب الآخرين خلال الـ 33 يوما الأولى والتي تعادل خمسة أسابيع عمل لأنك تملك الكثير من الوقت في المستقبل. وكما قال الرئيس جون كينيدي «كل هذا لن يكتمل في أول 100 يوم. ولن يكتمل خلال أول 1000 يوم، ولا خلال حياة هذه الحكومة، ولا حتى ربما خلال حياتنا على هذا الكوكب، ولكن دعونا نبدأ».