إردوغان يرسل ملهمه إلى السجن

صاحب نظرية "الوطن الأزرق".. أحدث ضحايا استبداد الرئيس رينجين غوردينيز: الشرطة اقتحمت منزلنا عنوة واعتقلت زوجي التوقيع على رسالة مفتوحة ترفض قناة إسطنبول وراء الاعتقال الموجة الجديدة طالت الطلاب والمدرسين والصحفيين والنقابيين
صاحب نظرية "الوطن الأزرق".. أحدث ضحايا استبداد الرئيس رينجين غوردينيز: الشرطة اقتحمت منزلنا عنوة واعتقلت زوجي التوقيع على رسالة مفتوحة ترفض قناة إسطنبول وراء الاعتقال الموجة الجديدة طالت الطلاب والمدرسين والصحفيين والنقابيين

الاحد - 11 أبريل 2021

Sun - 11 Apr 2021

انقلب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على أصدقائه وأساتذته السابقين، وحول كل من يخالفه الرأي إلى (عدو) بعدما تحول إلى ديكتاتور لا يسمع ولا يرى إلا نفسه، يرفض أن يقف أي أحد أمام أهوائه الجامحة.

تحول صاحب نظرية «الوطن الأزرق» جيم غوردينيز، الملهم السابق لإردوغان في عدد من المشاريع إلى أحدث ضحايا الرئيس التركي، حيث لم يتوان عن الزج به في غياهب السجن بعد انتقاد مشروعه الجديد «قناة إسطنبول».

واعتبر المراقبون أن الانقلاب على غوردينيز، وهو أميرال تركي متقاعد يبلغ 62 عاما، نموذج صارخ على الانجراف الاستبدادي الحالي للرئيس التركي، ورفضه أي شكل من أشكال النقد، حيث يعد صاحب النظرية الشهيرة التي تعود إلى عام 2006 وتنص على توسيع السيادة البحرية لتركيا في البحرين الأسود والمتوسط.

يفوق الخيال

ووصف المحلل أرمين عريفي في مجلة «لوبوان» ما يفعله إردوغان من الانقلاب على ملهميه وأصدقائه بأنه يفوق الخيال، وقال «يمكن للمرء أن يقدم ذرائع لإردوغان ليتصرف على هواه في شرق المتوسط ثم يجد نفسه في السجن لمجرد أنه ببساطة لم يرق للرئيس»، وفقا لموقع (24) الإماراتي.

وأضاف «هذا المفهوم العزيز على الأوساط القومية التركية تبناه بعد ذلك المحافظون من حزب العدالة والتنمية، وفي مقدمتهم إردوغان، لتبرير التدخلات المتكررة للبحرية التركية في المياه الإقليمية اليونانية والقبرصية، على الرغم من استياء الاتحاد الأوروبي. وكان غوردينيز قال في نوفمبر الماضي «أنا لست على صلة لا قريبة ولا بعيدة بالحكومة التركية وليست مشكلتي إذا استخدمت مفهومي».

سطو وسجن

وتؤمن نظرية «الوطن الأزرق» تطوير حقوق ومصالح تركيا في البحر الأبيض المتوسط، وهو ما يتجاوز الاعتبارات الحكومية والحزبية، واستخدم إردوغان المفهوم دون علم جيم غوردينيز، ووجد الضابط السابق نفسه مضطرا لمواجهة غضبه.

وكشفت زوجته رينجين غوردينيز، على موقع تويتر أن الشرطة اقتحمت منزلهما واعتقلت زوجها، ووفقا لمكتب المدعي العام في أنقرة، تجري محاكمة غوردينيز وتسعة آخرين من الأميرالات المتقاعدين كجزء من تحقيق بتهمة «التجمع الذي يهدف إلى ارتكاب جريمة ضد أمن الدولة والنظام الدستوري».

كما صدرت أوامر بتوقيف أربعة ضباط سابقين آخرين، ولم يتم اعتقالهم بسبب تقدمهم في السن.

رسالة للسجن

وتسبب توقيع غوردينيز على رسالة مفتوحة للرئيس في إرساله للسجن، حيث يتهم مع 103 من الأميرالات السابقين بانتقاد خطة الحكومة لفتح قناة ملاحية مماثلة لتلك الموجودة في بنما أو السويس، بعدما وقعوا رسالة مفتوحة يعترضون على المشروع الذي سيقام في غرب إسطنبول، ويسمى «قناة إسطنبول» وقيمته 25 مليار يورو، بعد أن أقرت الحكومة خطط المشروع الذي ينص على إنشاء ممر بحري بطول 45 كلم مواز لمضيق البوسفور لربط بحر مرمرة بالبحر الأسود.

وترى السلطة التنفيذية أن بناء هذه القناة، وهي جزء من المشاريع العملاقة لإردوغان، يخفف الازدحام في مضيق البوسفور ويوفر للمدينة موقع استقطاب جديدا، ولكن الضباط الكبار السابقين يعتقدون عكس ذلك، ويعتبرون أن الالتفاف على مضيق البوسفور يقوض اتفاقية مونترو ويضر بمصالح تركيا.

مخاطر القناة

وأثارت رسالة الأميرالات السابقين غضب الرئيس التركي الذي قال إن «واجب العسكريين المتقاعدين عدم نشر تصريحات تشير إلى انقلاب سياسي. لا يحق لموظف متقاعد اتخاذ مثل هذا الطريق»، وأضاف «لا علاقة لهذا الأمر بحرية التعبير».

وتضمن الاتفاقية الدولية المتعددة الأطراف، التي دخلت حيز التنفيذ منذ عام 1936، حرية مرور السفن المدنية في مضيق البوسفور والدردنيل، في أوقات السلم والحرب، لكنها تفرض قيودا على مرور السفن العسكرية، باستثناء تلك التابعة للدول المطلة على البحر الأسود، وبالتالي، فإن فتح «قناة إسطنبول» يمكن أن يسهل مثلا، وصول السفن الحربية الأمريكية إلى البحر الأسود، وهو ما لا يرضي روسيا.

موجة اعتقالات

ويؤكد عريفي أن ما فعله جيم غوردينيز ليس مقبولا في بلد له تاريخ مع الانقلابات، ويضيف «هذه ليست المرة الأولى التي يجد فيها غوردينيز نفسه خلف القضبان، وسبق له أن أمضى ثلاث سنوات في السجن من 2011 إلى 2014، إلى جانب مئات المسؤولين رفيعي المستوى، عندما كان إردوغان رئيسا للوزراء، حيث اتهم بالتحريض على محاولة انقلاب عسكري عام 2003، وبرئ أخيرا في عام 2015، بعد سنة من إطلاق سراحه».

وخلص إلى أن هذه الموجة الجديدة من الاعتقالات هي الأحدث في حملة قمع شاملة شنها الرئيس التركي ضد كل صوت معارض من (الجيش، النواب، الطلاب، المدرسين، النقابات، الصحفيين) بعد محاولة الانقلاب في يوليو 2016، وأتى ذلك في وقت كانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال في أنقرة، بدعوة من إردوغان، لإعادة إطلاق العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وتركيا.