عبدالله محمد الشهراني

مقاولة بالباطن... عمل الطالب وإشراف المعلم

الأربعاء - 07 أبريل 2021

Wed - 07 Apr 2021

حكى لي أحد الأصدقاء قصة حصلت له وهو في أمريكا أثناء فترة الابتعاث، وذلك عندما كبر ابنه ورغب في إدخاله المدرسة، بدأ صديقي في البحث عن أفضل مدرسة في المدينة، وكان الإجماع منعقدا على مدرسة لم يكن الالتحاق بها بالأمر السهل، مقابلة شخصية للطالب مع إجراء بعض الاختبارات، وبالفعل خاض الابن الاختبارات وتجاوز المقابلة الشخصية. يقول الصديق: طلبوا ابني منفردا أثناء المقابلة الشخصية، في حين قمت أنا - أثناء المقابلة - بجولة على مرافق المدرسة، خلال الجولة استوقفتني جدران المدرسة المليئة بلوحات الطلاب (الوسائل، لجيل الطيبين). يقول: في الحقيقة كانت اللوحات بدائية جدا وبعضها - إن لم تكن كلها - كانت بمثابة (خربشة بساس)، رسم غريب لجسم الإنسان هنا وخارطة لأمريكا بألوان لا رمزية لها هناك، ونص مكتوب بخط لا يقرأ، وأشكال هندسية صحيحة لكن بوصف لا يفهم... إلخ. انتهى كلامه سامحه الله.

سامحه الله، لأن الصديق بدأ بعقد مقارنات بين جدران مدارس جيل الطيبين وجدران مدرسة ابنه في أمريكا. مدارس جيل الطيبين التي كانت جدرانها مليئة بلوحات (وسائل) الطلاب التي تبدو في غاية الجمال والاحترافية، لوحات كانت تذيل عادة بالعبارتين الشهيرتين، عمل الطالب فلان بن فلان، وإشراف المعلم زيد بن عبيد. تلك اللوحات التي كانت ترهق كواهل آبائنا رحم الله من غادرنا منهم وحفظ من بقي، لوحات لم ينجزها الطالب فلان بن فلان ولم يشرف عليها الأستاذ زيد بن عبيد، لكنها جميلة وفي غاية الروعة، فقد أنجزها الخطاط مدحت كمال (أو كما كنا نسميه ... نيون). اللوحة أو الوسيلة هي مهمة على شكل مشروع سلم للطالب من أجل أن ينفذه بنفسه، لكنه قرر أن يوكل المهمة/المشروع - بالباطن - إلى الخطاط، وأن يتفرغ هو لمشاهدة مباراة الاتحاد والأهلي في ملعب الأمير عبدالله الفيصل، المباراة التي قابل فيها الطالب فلان أستاذه زيد الذي سوف يطالبه بالوسيلة صباح الغد. وفي اليوم التالي يحضر الطالب ومعه الوسيلة وهي في غاية الجمال ويسلمها إلى الأستاذ الذي يعرف أن خط الطالب فلان لا يختلف عن طلاسم المشعوذين في الأعمال السحرية. (المهم) فرح الأستاذ زيد باللوحة وكرم مدير المدرسة العمل - الذي لم ينجزه فلان ولم يشرف عليه زيد - بوضع لوحة الطالب مدحت كمال على جدار المدرسة، عفوا أقصد لوحة الطالب فلان بن فلان التي أشرف عليها الأستاذ مدحت كمال -عفوا .. عفوا- الأستاذ زيد بن عبيد (المعذرة ... نهاية المقال الواحد يكون مرهقا ).

في الصغر أعطى فلان الوسيلة للخطاط بالنيابة فنجح و(ريح باله)، وعندما كبر أعطى المشروع لشركة بالباطن فربح و(ريح باله).