عبدالله العولقي

حول الأمن المائي

الأربعاء - 07 أبريل 2021

Wed - 07 Apr 2021

جرس الإنذار المائي يدق طبوله حول العالم، فالمعلومات المخيفة تشير إلى أن نقص المياه في المستقبل سيكون السبب الرئيس في اندلاع الحروب العالمية القادمة، فالازدياد المتفاقم لعدد سكان العالم وارتفاع مستوى المعيشة سيؤديان إلى ارتفاع النمو والطلب المتزايد على المياه من أجل تأمين الاحتياجات الضرورية والأساسية لقطاعات الصناعة والزراعة، بالإضافة إلى الاستهلاك الاعتيادي في المنازل، فالدول غير النهرية تعتمد في أمنها المائي على مصادر المياه الجوفية لتلبية احتياجاتها والتي تشير بعض الدراسات والمصادر العلمية إلى التضاؤل المستمر في كمية المياه داخل الأحواض الجوفية الأرضية لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.

الدول النهرية ليست بمأمن هي الأخرى من مخاطر الكوارث المائية، فالصراعات السياسية المحتدة في المنطقة وانتهاج نمطية التنمر لدى بعض الدول المهيمنة على منابع الأنهار ببناء السدود الحاجزة وتعديل مسارات الأنهار عن مجاريها الطبيعية من أجل تجيير الأزمات المائية في المستقبل كورقة ضغط سياسية في تحقيق مآربها وطموحاتها التوسعية، فمنذ عقود سابقة وإيران وتركيا تشنان ما يشبه بحرب المياه ضد العراق وسوريا، مما تسبب في تدمير وإهلاك آلاف الهكتارات الزراعية في مناطق تنموية بجغرافيا الهلال الخصيب، فقد استغلت طهران وأنقرة سلسلة الاضطرابات السياسية في المنطقة لبناء السدود العشوائية وتشييد الموانع الجبلية لأجل الحيلولة من وصول كميات كبيرة من المياه إلى المناطق الزراعية والتي كانت تعد من أخصب المناطق الزراعية وأكثرها إنتاجا في المنطقة.

التنمر الآخر ضد الأمن المائي العربي نشهده في القارة الأفريقية، وتمارسه إثيوبيا ضد مصر والسودان، ففي العام الماضي شرعت إثيوبيا في تنفيذ المرحلة الأولى من ملء سد النهضة غير عابئة بتحذيرات المنظمات الدولية والدول الكبرى، وكانت تلك الخطوة غير المسؤولة عقبة أمام كل الحلول والتسويات السلمية، فقد جعلت أديس أبابا المفاوضات تدخل حيزا ضيقا جعل القاهرة تلوح رسميا بعدم استبعاد الحلول العسكرية، فقد حذر الرئيس المصري إثيوبيا من استمرارية تعبئة سد النهضة باعتبار المياه خطا أحمر بالنسبة للقاهرة، فهي تتعلق بحياة وتاريخ ومصير المصريين، والمساس بحصة المصريين المائية ستؤثر على استقرار المنطقة بكاملها، وقد قوبلت تصريحاته بتأييد معظم الدول العربية.

وأخيرا، لا خيار اليوم تجاه أزمات المياه من تطبيق منظومة الحلول الاستراتيجية العلمية للحفاظ على الأمن المائي، لا سيما تلك المتعلقة بمجال الحلول المستدامة لمواجهة أي أزمات محتملة في المستقبل، كنشر الوعي المجتمعي وتغيير الثقافة العامة تجاه استهلاك المياه، بالإضافة إلى حزمة من الحلول الإيجابية كحظر زراعة الأعلاف التي تستهلك كميات كبيرة من المياه والتحول إلى مصادر المياه المتجددة لخفض النفقات، ففي قطاع الزراعة وحدها ساهمت الحلول الحديثة في الحفاظ على الأمن المائي كأنظمة التحول من أنظمة الري التقليدي إلى أنظمة الرذاذ والتنقيط، وهنا لا بد أن نشير إلى أن المملكة العربية السعودية تمتلك أكبر مشروع تحلية للمياه في العالم، وقد قطعت أشواطا عظيمة وقامت بخطوات ابتكارية مثلى للاستفادة من الحلول الاستراتيجية للحفاظ على الأمن المائي.

@albakry1814