شاكر أبوطالب

أبحاث ودراسات في أدراج النسيان!

الاحد - 21 مارس 2021

Sun - 21 Mar 2021

أقر مجلس الوزراء الموقر تشكيل لجنة باسم (اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار)، ترتبط بمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، ويرأسها رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وتُعنى بتنمية قطاع البحث والتطوير والابتكار في المملكة.

هذا القرار المهم يؤكد اهتمام القيادة بالأخذ بجميع الأسباب لصناعة مستقبل أفضل للأجيال المقبلة، والاستثمار الأقصى للعوامل التي تصنع التقدم، والعناية بالممكنات التي تحقق الريادة في التنافس العالمي.

المملكة بمكانتها وثرواتها الطبيعية والبيئية ومواردها البشرية والفكرية؛ تستحق تصميم استراتيجية وطنية للبحث والتطوير والابتكار، وتنفيذها بصرامة باعتبارها أولوية وطنية للتقدم، وأداة رئيسة لتحقيق (رؤية 2030م)، وإطارا شاملا للطاقات الشابة والمواهب المتميزة والفاعلة في المجتمع السعودي.

خلال السنوات العشر المقبلة، ينبغي أن تركز الاستراتيجية الوطنية للبحث والتطوير والابتكار على المجالات المستحدثة، إلى جانب القطاعات الحيوية، وفي مقدمتها: الطاقة المتجددة والاستدامة والذكاء الاصطناعي وأمن المعلومات والفضاء والتقنية والنقل والصحة والتعليم وغيرها.

إن البحث والتطوير والابتكار اليوم بحاجة إلى توحيد السياسات تحت مظلة وطنية موحدة ومحفزة للعمل المؤسسي، لخلق بيئة علمية وبحثية تستقطب المواهب المتميزة وتطلق العنان لإمكاناتها من أجل ابتكار أفكار جديدة، واستكشاف أساليب مختلفة، وتطوير الخدمات وتحسين المنتجات التي ترفع من مستوى جودة الحياة، وتعزز الاقتصاد وتدفع به لآفاق جديدة أرحب من أي وقت مضى، كل ذلك من أجل قيادة التحول والمضي قدما في تنفيذ برامج ومبادرات الرؤية الطموحة، لتصبح المملكة دولة رائدة وضمن الأفضل عالميا في مجالات البحث والتطوير والابتكار.

بالأمس القريب، كان واقع الأبحاث والدراسات إجمالا، وتحديدا رسائل الماجستير والدكتوراه، تنتج فقط من أجل الترقي في السلم الأكاديمي، وتحفظ في المكتبات للتوثيق ليس إلا، وتودع في أدراج المكاتب، ويعزل محتواها العلمي في بئر سحيق، ويتم تجاهل قيمتها ونتائجها وتوصياتها، وتفوت فرصة استثمارها في تطوير بيئات الأعمال والقطاعات الخدمية.

هذا الإهمال المتراكم للدراسات والأبحاث العلمية، هو في حقيقته هدر للموارد والوقت، وضياع لتكاليف الاستثمار في تأهيل الباحثين، وتفويت فرص التحسين والتطوير والتقدم المعرفي.

وربما الحالة أفضل في الأبحاث والدراسات الطبية والهندسية والعلوم الطبيعية، لأنها تقوم غالبا على توفير أو تطوير حلول لمشكلات وتحديات قائمة.

في المقابل، فإن الاستفادة سيئة للغاية في الأبحاث والدراسات العلمية في مجالات العلوم النظرية، مثل المجالات التربوية والتعليمية والإدارية والإنسانية والاجتماعية والاتصالية.

فالواقع اليوم يتساءل على سبيل المثال عن حجم الاستفادة من أبحاث ودراسات الإعلام والاتصال في تطوير أداء الإعلام السعودي والارتقاء بواقع الممارسة الإعلامية، وأثر الأبحاث والدراسات الصادرة عن معهد الإدارة العامة في تطوير الممارسات الإدارية للقطاعين الحكومي والخاص، والدور الذي قامت به الأبحاث والدراسات التربوية في تطوير البيئة التعليمية العامة والجامعية.

هذا الواقع غير المأمول للبحث العلمي يطرح الكثير من الأسئلة عما حدث في الماضي، فهل كانت المشكلة تكمن في رداءة الإنتاج العلمي والبحثي في هذه المجالات؟! أم أن الأبحاث والدراسات منفصلة تماما عن الواقع الممارس لتلك المجالات؟! وبالتالي تنتفي عملية الاستفادة من الإنتاج العلمي والبحثي، أو أن هناك عدم اعتراف غير معلن بالمؤسسات الأكاديمية الحاضنة للأبحاث والدراسات، وما يصدر عنها من علم ومعرفة؟! وقبل ذلك، ما العوامل التي منعت من تصميم وتطوير معايير أفضل لتحسين جودة الإنتاج العلمي والبحثي؟!

وتحديد الأولويات لموضوعات بحثية بعينها.

الآمال معقودة على اللجنة العليا للبحث والتطوير والابتكار، لا سيما أن رئيسها هو الأمير محمد بن سلمان، القائد الشاب الطموح الذي لا هم له سوى بناء اقتصاد مزدهر ومجتمع حيوي منتج ومميز، من خلال إرساء بيئة محفزة للبحث، وتطوير الابتكار في العمل الحكومي، ورفع مستوى التنافس في القطاع الخاص لتحقيق المزيد من الابتكار، وتأهيل طاقات ومواهب تتميز بتنوع المعارف وإتقان المهارات العالية في البحث والتطوير والابتكار.

shakerabutaleb@