علي المطوع

سلم الطائرة بين طلال وبايدن

السبت - 20 مارس 2021

Sat - 20 Mar 2021

ما زال الناخب الأمريكي يستذكر وعود رئيسه الجديد بايدن، الذي تعهد أثناء حملته الانتخابية بإعادة أمريكا إلى سابق عهدها قوة عظمى تتبوأ الصدارة العالمية من جديد.

سلم عودة أمريكا إلى سابق عهدها يقتضي دربة سياسية تتطلب إعادة أساليب كيسنجر إلى الواجهة، وعملا منظما ودبلوماسية مرنة وقوة فاعلة تستطيع أن تعيد الهيمنة والهيبة الأمريكية إلى سابق مجدها .

لكن سلم الطائرة التي أقلت الرئيس في رحلة داخلية مجدولة كان له مع بايدن وأمريكا رأي آخر وحكاية مختلفة وليست مختلقة، فما إن بدأ حاكم البيت الأبيض رحلة الصعود إلى مقصورة القيادة حتى بدأت عثراته تتوالى واحدة تلو أخرى، لتبلغ ثلاث عثرات بائنات، موثقة بالصوت والصورة.

توقع البعض أن يكف بايدن عن محاولاته تلك، لكنه أصر على مواصلة رحلته باتجاه كابينة القيادة رغم العثرات التي لم تجد جابرا أصيلا يجبرها - كسامي الجابر في سابق عهده ومجده الكروي - سوى تصريح متحدث البيت الأبيض الذي برر السقطات المتتالية لفخامة الرئيس بنسمات الهواء العليلة التي أخلت توازن أمريكا قبل أن يختل توازن رجلها الأول حاكم البيت الأبيض!

المفارقة العجيبة والغريبة في موروثنا الطربي نحن الخليجيين أن سلم الطائرة هو الطلل الباكي الذي بكى عليه مطربنا الراحل طلال مداح، فبكينا معه، وما زالت أغنيته العتيقة في سلم الطائرة إرثا بكائيا للعشاق بين الأرض والسماء. ترى هل كانت حادثة سلم الطائرة الرئاسية بكائية حزينة مثل حزن وبكاء صوت الأرض في تلك الأغنية الخالدة.

أمريكا بايدن لديها ملفات شائكة وعالقة، بعضها يتعلق بحقوق الإنسان كما هو معلن، وبعضها يتعلق بمعاهدات المناخ وتلطيف الأجواء، وأعقدها الملف النووي الإيراني الذي يراد فتحه من جديد، فهو ملف يعني بايدن شخصيا كونه من هندسه ضمن جوقة المهندسين إبان عهد رئيسه المتلون أوباما، لكن ما عساه أن يقول للإيرانيين بعد تلك العثرات؟ وكيف سيقرؤها الإيرانيون ساسة ومفاوضين ضمن سياق ملفهم العالق مع الديمقراطيين؟

الأكيد أن صورة الضعف الأمريكي ستترسخ أكثر في وجدان الساسة الإيرانيين، وسيسعون في ظل مسلسل العثرات الأمريكية إلى الخروج بأكبر مكسب ربما يفوق هدية أوباما السابقة، ولِم لا؟ فأمريكا ليست بخير ورمزها الأول تسقطه نسمة هواء عليلة!

بعد سقطة بايدن الأخيرة تأكد للجميع أن ترمب كان محقا وهو ينعت خصمه الانتخابي بالنائم، وتأكد للعالم أن أمريكا بايدن دخلت مرحلة الرجل المريض الذي استهدفته المشاكل من كل حدب وصوب، فإذا كان على سلم الطائرة الرئاسية أطاحت به ريح الصبا العليلة، فما عساه أن يفعل لو باغتته أعاصير الشرق القاتلة والقاتمة؟ حتما ستذهب الطائرة وركابها مع الريح!

@alaseery