نمر السحيمي

تمكين المرأة ماذا يعني في رؤية المملكة 2030م؟

السبت - 27 فبراير 2021

Sat - 27 Feb 2021

وضع مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية 13 برنامجا تنفيذيا لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لرؤية المملكة 2030.

ومن ضمن هذه البرامج برنامج: تعزيز الشخصية السعودية، وهو برنامج يقوم على منظومة قيم ترتبط بإرث المملكة وعناصر وحدتها ومبادئها الإسلامية الراسخة، من خلال منظومة مبادرات تكاملية تستهدف تعميق الانتماء الوطني، وتعزيز قيم الوسطية والتسامح والإيجابية والمثابرة، ما سيؤسس لمنهجية تدعم السياسات التي تخاطب الشباب من الجنسين بأسلوب عصري يعزز لديهم روح المبادرة والعطاء والتطوع والإتقان وحب العمل، ويحفزهم نحو النجاح والتفاؤل، بما يسهم في بناء الاقتصاد الوطني ويرسخ المنجز السعودي الفكري والتنموي والإنساني للمملكة، ويتفاعل مع توجهاتها ودورها الريادي، باعتبارها قلبا للعالمين العربي والإسلامي.

ولتحقيق مساحة كبيرة من هذا الهدف شهدت المملكة منذ بداية العمل في تحقيق أهداف الرؤية تطورات اقتصادية واجتماعية وثقافية، انعكست إيجابا على مشاركة المرأة في المجال العام. فقد عكست رؤية 2030 إرادة سياسية لتطوير وضع المرأة، وتمكينها، ورفع مستوى مشاركتها الاقتصادية بناء على قدراتها في إطار القيم والمبادئ الإسلامية.

هذا هو مختصر برنامج (تمكين المرأة) وهدف التحول الوطني في هذا المجال لتحقيق رؤية المملكة 2030م.

ولا يوجد في رؤية المملكة 2030م ما يهدف إلى تحميل المرأة ما لا يناسبها أو انحرافها عن قيم ومبادئ الدين الإسلامي الوسطي الحنيف الذي تستلهم المملكة رؤيتها منه. ولا يمت بصلة إلى رؤية بلادنا ما يشاهده أفراد المجتمع من مشاهد من خلال الواقع أو من خلال وسائل التواصل الاجتماعي يتبناها أشخاص من الجنسين، سعوديون أو يدعون أنهم سعوديون، ويهدفون منها إلى إظهار المرأة السعودية متمردة على قيم ومبادئ دينها. فبرامج وأهداف الرؤية في تمكين المرأة السعودية واضحة لا تحتاج إلى تفسير ممن دخلوا في هذا المجال ليصطادوا في الماء العكر.

فقد نص النظام الأساسي للحكم في المادة التاسعة على أن «الأسرة، هي نواة المجتمع السعودي، ويربى أفرادها على أساس العقيدة الإسلامية، وما تقتضيه من الولاء والطاعة لله، ولرسوله، ولأولي الأمر، واحترام النظام وتنفيذه، وحب الوطن، والاعتزاز به وبتاريخه المجيد».

كما تنص المادة العاشرة من ذات النظام على أن «تحرص الدولة على توثيق أواصر الأسرة، والحفاظ على قيمها العربية والإسلامية، ورعاية جميع أفرادها، وتوفير الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم».

وتنص المادة الحادية عشرة من النظام نفسه على أن «يقوم المجتمع السعودي على أساس من اعتصام أفراده بحبل الله، وتعاونهم على البر والتقوى، والتكافل فيما بينهم، وعدم تفرقهم».

هذه المواد التي صيغت على أساسها رؤية المملكة 2030 التزاما بما نصت عليه المادة الثانية والثمانون من النظام الأساسي للحكم التي تؤكد أنه «مع عدم الإخلال بما ورد في المادة السابعة من هذا النظام، لا يجوز بأي حال من الأحوال تعطيل حكم من أحكام هذا النظام، إلا أن يكون ذلك مؤقتا في زمن الحرب، أو في أثناء إعلان حالة الطوارئ. وعلى الوجه المبين بالنظام».

يؤكد ذلك أن تمكين رؤية المملكة للمرأة السعودية هو تمكين في إطار قيمها ومبادئها وتعاليم دينها الإسلامي، وأي فهم أو توجه خلاف ذلك إنما هو فهم وتوجه ترفضه المملكة ويرفضها شعبها مهما غطي هذا الفهم وهذا التوجه بلباس المشروعية المزيفة.

وتظل المرأة السعودية ركنا من أركان الأسرة المسلمة، وأرادت رؤية المملكة أن يمكّن هذا الركن الهام في المجتمع من أداء دوره الحيوي في بناء الوطن وتنميته والارتفاع به مع نصفها الآخر في مصاف الدول المتقدمة في بناء الحياة ذات الأسس السامية الرفيعة. وحاشا بلادنا والمخططين لرؤيتها المباركة أن يكون تخطيطهم لتمكين المرأة كما فهمه الشواذ المدندنون حول التمرد والعري والتفسخ على الشواطئ وتحدي المجتمع السعودي المسلم المؤسس على قواعدٍ من الثقة في دينهم وولاة أمرهم، التي لن يزعزعها الشواذ مهما علا صوت خطابهم.

إنني أشير في هذا الصدد إلى لائحة المحافظة على الذوق العام التي صدرت عام 1440هـ متوافقة مع بدايات برامج التحول الوطني، حيث عرّفت هذه اللائحة الذوق العام «بأنه مجموعة السلوكيات والآداب التي تعبر عن قيم المجتمع ومبادئه وهويته، بحسب الأسس والمقومات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم».

كما عرّفت الأماكن العامة بأنها «المواقع المتاح ارتيادها للعموم – مجانا أو بمقابل - من الأسواق، والمجمعات التجارية، والفنادق، والمطاعم، والمقاهي، والمتاحف، والمسارح، ودور السينما، والملاعب، ودور العرض، والمنشآت الطبية والتعليمية، والحدائق، والمتنزهات، والأندية، والطرق، والممرات، والشواطئ، ووسائل النقل المختلفة، والمعارض، ونحو ذلك».

وقد نصت المادة الثالثة على أنه «يجب على كل من يكون في مكان عام احترام القيم والعادات والتقاليد والثقافة السائدة في المملكة». كما نصت المادة الرابعة من ذات اللائحة على أنه «لا يجوز الظهور في مكان عام بزي أو لباس غير محتشم أو ارتداء زي أو لباس يحمل صورا أو أشكالا أو علامات أو عبارات تسئ إلى الذوق العام»، كما حددت المادة الثامنة العقوبة ونصت على أنه «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد مقررة نظاما؛ توقع غرامة مالية على كل من يخالف (ذكرا كان أو أنثى) أيَّا من الأحكام الواردة في اللائحة بما لا يتجاوز خمسة آلاف ريال، وفقا لجدول تصنيف المخالفات المنصوص عليه في المادة (التاسعة) من اللائحة، ويضاعف مقدار الغرامة في حال تكرار المخالفة نفسها خلال سنة من تاريخ ارتكابها للمرة الأولى».

وتعد هذه اللائحة ردا صريحا على كل من يظن أن تمكين المرأة في بلادنا يعني انفلاتها وتحررها من قيم ومبادئ وتعاليم دينها وعادات وتقاليد بلادها، وهو فهم فاسد لا يحقق تقدما ولا يجلب منفعة، ولا يعطينا الاحترام المأمول من دول العالم، وذلك ما يريده لنا أعداء النجاح وضفادع المستنقعات.

alsuhaimi_ksa@