حسين باصي

«إذا طاحت تكساس كثرت سكاكينها»

الاثنين - 22 فبراير 2021

Mon - 22 Feb 2021

يبلغ عدد سكان ولاية تكساس نحو 29 مليون نسمة، وهو رقم مقارب جدا للتعداد السكاني في المملكة العربية السعودية. أتت كارثة طبيعية لهذه الولاية خلال الأسبوع المنصرم ومن ثم لحقتها نكسة كهربائية أدت لقطع الكهرباء عن أكثر من مليون مستفيد.

ماذا حصل؟

هبت عاصفة ثلجية على ولاية تكساس أدت لانخفاض حاد في درجة الحرارة فتأثرت محطات التوليد بجميع أشكالها سلبا، وازدياد كبير في الاستهلاك الكهربائي بسبب التدفئة، يقدر بأكثر من 69 جيجا واط وهو رقم قياسي بالنسبة للولاية.

هنالك عدة أسئلة تدور في خواطرنا حول هذه النكسة لولاية تكساس، إليك هذه التساؤلات؟

• لماذا فشلت محطات التوليد في تزويد الطاقة اللازمة؟

هنالك معادلة ثابتة في عالم الطاقة وهي وجوب توازن كمية الطاقة المطلوبة (الأحمال النشطة) مع الطاقة الناتجة، وذلك للحفاظ على تردد الكهرباء 60 هرتز.

إذا زاد الطلب على العرض تزيد المحطات ضخها للكهرباء حتى يتحقق التوازن، وفي حال أن تلك الزيادة كانت أعلى من السعة القصوى للمحطات يتم فصل الكهرباء عن جزء من المناطق للوصول إلى الاتزان أو يتم شراء الكهرباء من الولايات المجاورة. وإضافة إلى أن الطلب ارتفع لرقم قياسي فإن المحطات بجميع أشكالها تأثرت بدرجة الحرارة المنخفضة وتوقفت عن العمل. خطوط المياه المسؤولة عن تبريد المحطات النووية تجمدت، مما أدى لإيقاف هذا النوع من الطاقة.

من جهة أخرى تجمدت أبيار الغاز الطبيعي، مما أدى لإغلاق المحطات أيضا. أما عن الطاقة المتجددة فقد توقفت محطات الرياح بعد أن تجمدت هي الأخرى، بالتالي لا يمكن أن نلوم نوعا معينا من الطاقة، بل نلوم هيئة الموثوقية بالولاية لعدم تمكنها من التعامل مع درجة الحرارة المنخفضة هذه.

• لماذا لم تتدخل الولايات الأخرى لإنقاذ ولاية تكساس؟

أذكر مقولة دكتوري في مرحلتي لدراسة الدكتوراه، كان يستهزئ بولاية تكساس ويقول إنهم «عايشين لحالهم» لأن لها نظاما منفصلا عن الولايات الأمريكية المتحدة. شبكة الكهرباء في أمريكا مكونة من ثلاث مناطق – المنطقة الشرقية والغربية وتكساس. لك أن تتخيل أن هذه الولاية التي لا يتجاوز عدد سكانها ولاية كاليفورنيا، وهي جزء من الشبكة الغربية، تأخذها العزة بالنفس لتعزل نفسها كجزء مستقل عن الشبكة الشرقية أو الغربية.

ها هي تدفع ثمن عنجهيتها ونظرتها الفوقية لباقي الولايات من زاوية إنتاج الكهرباء. لم تتخل عنها الولايات الأخرى ولكن سوق الكهرباء الأمريكي حر وهو راضخ لمعادلة العرض والطلب الاقتصادية، مما جعل الشبكات الأخرى تقدم يد العون وتبيع الكهرباء لتكساس ولكن بسعر خيالي، مما ذكرني بالمثل (إذا طاح الجمل كثرت سكاكينه).

• هل فوجئت ولاية تكساس بهذه العاصفة الثلجية؟

قد تجد ما سأقوله مضحكا ولكن هذه هي الحقيقة، ولاية تكساس الغنية واجهت هذه الظاهرة الطبيعية نفسها مرتين خلال العشر السنوات السابقة، في 2018م و2011م. هذه الرياح الثلجية تسببت في قطع الكهرباء خلال تلكما السنتين بشكل مشابه جدا، ولكن لا أعلم لماذا لم تتخذ هذه الولاية العجيبة الاحتياطات اللازمة لتتصدى لهذا النوع من الظواهر الطبيعية بعد المرتين الأولى أو الثانية.

ما حدث لولاية تكساس قد يحدث لأي مكان في العالم، خاصة أننا نتكلم عن كوارث طبيعية يصعب أن نضمن الموثوقية بنسبة 100% أثناء حدوثها.

لكن الاستعداد لهذه المواقف مهم جدا، وقد تحدثت عن نوع السوق الأكثر أمانا في مقال لي قبل شهرين، وهو الربط الكهربائي بين المناطق بوجود سوق كهربائي معتدل – لا حر ولا جبري.

HUSSAINBASSI@