حسين باصي

الهيدروجين الألماني

الاثنين - 08 فبراير 2021

Mon - 08 Feb 2021

ذكرت في المقالة السابقة «الهيدروجين الملون» بعض استخدامات الهيدروجين وألوانه المجازية. غاز الهيدروجين متوفر بكثرة ولله الحمد في كوكبنا وها نحن نحاول الاستفادة منه قدر المستطاع.

ألمانيا دولة صناعية عظيمة حققت ابتكارات عالمية مثل اختراعات الثلاجات والحواسيب الرقمية والمركبات والطائرات. لا ننسى أن العالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين ألماني الولادة والمنشأ. هذه الدولة القوية قررت أن تقود العالم في مجال الهيدروجين، ووضعت استراتيجية خاصة لذلك، استراتيجية أشبه ما تكون «باحتكار» تقنية وتداول الهيدروجين عالميا. أطرح لكم أبرز بنود هذه الاستراتيجية:

• السوق المحلية:

تعتزم ألمانيا صناعة الهيدروجين الأخضر تحديدا بشكل كبير، واستخدامه محليا في عدة قطاعات، مثل توليد الكهرباء والمواصلات، بالإضافة لتخزين الطاقة. التركيز على الهيدروجين الأخضر هو أمر منطقي بالنسبة لألمانيا، حيث إن الماء متوفر فيها بشكل كبير مع غزارة الطاقة الهوائية فيها كمصدر للطاقة المتجددة. لكن تبقى مشكلة هذا الطموح أن يكون ذاتي المصدر فقط، وهذا مستحيل الآن. ألمانيا دولة ذكية وتعرف هذا الأمر جيدا، وبالتالي قررت أن تستورد الهيدروجين ضمن هذه الاستراتيجية وفق خطة شراكة وتعاون دولي. هنا يكون دور تعاون المملكة العربية السعودية من خلال وزارة الطاقة، وذلك ما أشار إليه وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بشكل استراتيجي قوي. التخطيط التكاملي والتوافقي مع ألمانيا يعتبر سياسة ناجحة جدا وسوف تأتي أكلها على المديين القريب والبعيد.

• تسخير البنية التحتية الموجودة:

من الذكاء الاستفادة من البنية التحتية الموجودة حاليا وهي في الأصل للغاز الطبيعي. البنية التحتية سيستفاد منها في النقل والتوزيع لغاز الهيدروجين ولكن هذا لا يعني أن ألمانيا لن تطور البنية التحتية، بل بالعكس ستقوم ببناء شبكة خاصة لنقل وتوزيع الهيدروجين كمادة خام يتم تخزينها واستخدامها وقت الحاجة.

• البحث والتطوير:

رغم أن ألمانيا لا تملك إجابة واضحة عن كثير من أسئلتها حول هذه الاستراتيجية التفصيلية، التي تعد عامة في مجملها، إلا أنها سخرت دعما سخيا جدا لغرض البحث والتطوير في هذا المجال. عندما أقرأ الأبحاث والمنشورات العلمية الألمانية (المترجمة) أجد عمقا علميا وعمليا في التطبيقات الهندسية. كلما أستعين بالمراجع الألمانية العلمية أجد راحة نفسية وطمأنينة لمعرفتي بقوة وصلابة المنهجية العلمية المتبعة في ألمانيا.

تبقى نقطة مهمة في الاستعانة بتجربة ألمانيا، وهي ضرورة التحقق من مطابقة وملاءمة هذه العلوم مع بنيتنا التحتية. هذه النقطة بالتحديد تجعلني أستغرب من بعض «الباحثين» الذين يعتقدون أن طريقة قص ولصق المعرفة هي أمر طبيعي في نقل التقنيات للسعودية، وهذا مبدأ غير مقبول أبدا.

أعتقد أن بعض الجامعات تقوم بدور التوجيه لمجالات البحث العلمي، وهذا ما أشاهده في أبحاثي في الطاقة المتجددة. جزء من هذا التوجيه يأتي تحت راية وزارة التعليم، وبالتالي أجد أن التعاون بين وزارة الطاقة ووزارة التعليم في حث العلماء نحو البحث والتطوير فيما يساعد وزارة الطاقة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية في الطاقة بات أمرا ملحا فعلا، ولا يمكن الاعتماد الكلي على النتائج البحثية الخارجية فقط.

@HUSSAINBASSI