مانع اليامي

الكتابة والسؤال المرافق

السبت - 30 يناير 2021

Sat - 30 Jan 2021

لماذا نكتب؟ هذا السؤال يشغل بال كثيرين، وتقديري أنه لا مكان على وجه الأرض لا يتعرض لسخونته، وإن اختلف في البناء وأتى محافظا على المعنى بصيغة أخرى، وعجت المراجع بتنوع وجمال مجاراته، في وجه العموم الكتابة عند الغالبية تتصل بالأفكار والمشاعر والتعبير عنها، ويبقى الذي لا ريب فيه أن لهذا الفن أغراضه التي لا تَخفى ولا تُخفى.

لن أتناول الموضوع هنا من زاويته الواسعة لدواعي التماشي بموجب الفكرة الأصل التي أرغب التعامل معها وإيصالها عبر هذه المساحة، في إطار رأي يتصل بدواعي كتابة مقالة الرأي في امتداد ذات السؤال الذي يحاصرني كثيرا من الأحايين: لماذا نكتب؟

أرى أن مقالة الرأي ليست مذكرة شكوى بالأصالة أو النيابة أو عريضة تذمر، سواء في المسار الاجتماعي أو المؤسسي، يقابل ذلك أن الكاتب لن يرضي الجميع، ولن يأتي دائما على ما يدور في النفوس على أساس أنه يعيش المرحلة ويتعايش مع الهموم والشجون نفسها، لحرية القول حدود مسؤولة والمساهمة في سد ثغرات أي جدل قائم مثلا تستدعي معرفة وفطنة.

ومن المهم ألا يرفع الكاتب سقف توقعاته، فثمة من لا يرتاحون لمن يقدم مصلحة الغالبية، ووجود الفريق المعارض الناقد حتى وإن اتصف بالأقلية أمر متوقع جدا، والسؤال هنا: هل سيرتاح مسؤول الموارد البشرية الذي يتعامل مع طلبات التوظيف وفق محل الميلاد والاسم الأخير؟ إن سلط كاتب أو كاتبة الرأي الضوء على هذه القضية سيئة التداعيات فهل سيصفق المسؤول الذي استعمل صلاحيات المركز الوظيفي لتوظيف أقاربه لأي مقال رأي يسلط الضوء على خطورة خطف الوظيفة العامة؟ طبعا لا.

حتى مدير المصلحة الحكومية الذي يتعرض الكاتب لترهل الإدارة التي يشرف عليها أو كثر تعقيداتها الإجرائية أو تخلفها عن مواكبة الرؤية الوطنية، لن يصافح الكاتب بحرارة، هذا إن تكرم بالمصافحة وسلم الكاتب من خصومته والوقوف في وجه مصالحه وذويه، وللأمانة هذا لا ينفي احتمالية استثمار بعض الجهات الحكومية وبعض وجهاء المجتمع وجهات نظر الكاتب متى صوبت البوصلة نحو مكامن الخلل.

سؤال آخر: هل سيخفي مقاول المشاريع المتعثرة أو هشة التنفيذ غضبه وخصومته في حال كشف كاتب الرأي عن بعض وجهات نظره حيال مشروع بدأ هزيلا وسار شبه متعثر تحت إشراف رقابي مرتبك؟ على ذلك يقاس الحال مع ممارس الغش التجاري وتاجر الفيز والسماسرة. بشكل أو بأخر قد يدفع الكاتب الثمن.

ختاما، مقالة الرأي تستمد قوتها من الصدقية والشجاعة في حدود حرية القول المسؤول والدراية، وهذه الأخيرة أساس يبنى عليه أولا وأخيرا، في المقابل تضعف وتنحرف في حالة تسيير الجمهور الكاتب، الجمهور يجيد التصفيق، والانزلاق وارد على عجل إن تعلق الكاتب ذكرا أو أنثى بهذه الحالة، فلنكتب من أجل إعلاء مصالح الوطن في كل اتجاه، وخدمة المجتمع في كل شأن، عبر تسليط الضوء على كل ما يمكن أن يلمس الاستقرار أو يعوق حركة الازدهار ويعرقل العدالة ويسمن الفساد، ولا بأس في الإشادة بالتميز وصانعيه ورعاته، والرزق على الله، وبكم يتجدد اللقاء.

[email protected]