«عبي فل»

محطات البنزين منتشرة هنا وهنالك، وهذه نعمة نشكر المولى عليها. ما إن نتوقف في المحطة حتى تبدأ مرحلة الالتفات برؤوسنا ذات اليمين وذات الشمال باحثين عن موظف المضخات. نلوح له بيدينا ونناديه بصوت عال ونضرب له «البوري» كي يأتي بسرعة ونطلب منه الوقود بالكمية المطلوبة.

أشهر تلك العبارات التي نستخدمها معه هي «عبي فل»، وذلك غالبا بعد استلام الرواتب مباشرة. كثير من الدول المتقدمة تستخدم مضخات أشبه بأجهزة الصرافة البنكية (ATM)، حيث يملأ قائد المركبة خزان الوقود لسيارته بنفسه، ويدفع قيمة الوقود من خلال المضخة الذكية مباشرة أو التوجه لمركز التموينات الواقع في محطة البنزين. الوضع عندنا مختلف، حيث يقوم موظف المحطة بذلك نيابة عنا.

خلال فترة تعبئة البنزين نجد من يستمتع برائحة البنزين، وهنالك من هو على النقيض، فيغلق النوافذ والأبواب بسرعة هروبا من تلك الرائحة. بالنسبة لي لا أكترث كثيرا لرائحة البنزين، وأشغل نفسي بالرد على رسائل التواصل الاجتماعي.

ذات مرة نظرت إلى المضخات وحلق بي خيالي بتساؤلات عن مصير الطاقة في التنقل والوقود مستقبلا. قررت حينها أن آخذ جولة عن مستجدات الوقود في العالم بعد عودتي لمكتبي ووجدت أنواع الوقود التالية:

01 الوقود العضوي: هو الوقود الذي يمكن الحصول عليه من النباتات والمحاصيل الزراعية مثل الذرة. يمتاز هذا الوقود بقلة الانبعاثات السامة الصادرة منه وتكلفته المعقولة نسبيا.

كما أنه ملائم للمحركات الموجودة حاليا دون الحاجة لأي تعديلات أو تحسينات إضافية.

جميل جدا، لكن لو نظرنا إلى عيوبه لوجدناها ضخمة مثل الحاجة لكمية كبيرة من الماء والسماد، بالإضافة للمساحات الشاسعة والمناخ والتربة المناسبين لزراعة المحصول.

02 الوقود متعادل الأثر الكربوني E-Fuel: هذا الوقود هو ميثانول تم تكوينه بالاعتماد على الكربون الموجود في الهواء. أحيانا يطلق عليه الميثانول الأخضر، ويمكن أن يعاد تشكيله إلى بنزين أو ديزل أو كيروسين.

قد تكون مراحل تكون هذا النوع من الوقود صديقة للبيئة ولكنها مكلفة ماديا.

كما أنها تعتمد على الماء - مثل الوقود العضوي - كي نستمد منه عنصر الهايدروجين. أعتقد أن هذه التقنية جميلة لكنها تحتاج لكثير من التحسينات وهي ليست جاهزة كبديل للوقود الأحفوري المستخدم حاليا.

03 بطاريات السيارات الكهربائية: النوعان السابق ذكرهما لا يحتاجان لمحركات وسيارات خاصة أو معدلة وهذه ميزة جيدة، على النقيض من ذلك، السيارات الكهربائية تعمل بشكل مختلف تماما وتستمد طاقتها من البطاريات وبنيتها الداخلية خاصة جدا ومصممة للبطاريات.

يحمل راية التقدم لهذا النوع من العربات شركة تيسلا الشهيرة بشعارات توحي للجميع بأن السيارات الكهربائية هي المكتسحة في المستقبل القريب.

هنالك أنواع أخرى من الوقود، لكني ذكرت ما وجدت له ترويجا قويا في الوسط العلمي علاوة عن الوسط التجاري. عندما أقرأ عن هذه التقنيات أحرص على قراءة التفاصيل العلمية بين الأسطر، لأن سر نجاح أو فشل أي تقنية يقع في تلك الزوايا الخفية التي يتم إخفاؤها بالقصد بعض الأحيان.

المراكز البحثية التابعة لهذه الشركات في سباق مع الزمن كي تخرج بتلك التقنية قبل المنافسين، وتظفر بأكبر شريحة من المستفيدين.

نحن ننتظر خلال السنوات الخمس المقبلة أي نوع من تلك الثلاثة سينتصر، أو قد يخسر جميعهم أمام تقنية ثورية جديدة.