ياسر عمر سندي

قيمة الصفر في حياة البشر

الأربعاء - 20 يناير 2021

Wed - 20 Jan 2021

من الطبيعي أن يحدث التغير للإنسان في أربعة جوانب مفصلية في حياته من الناحية الفسيولوجية والسيكولوجية والمجتمعية والبيئية، وهذا التغير إما أن يحدث عن طريق الفجأة أي بعيدا عن الإرادة البشرية أو أن باستعداد وتخطيط مستقبلي ونظرة استشرافية، وهذا هو التغيير الذي يتدخل فيه الإنسان بعدة إمكانات، أولها القوة المعرفية بالعلم والخبرة والإدارة، وثانيها القوة المالية بالشراء والاستحواذ والسيطرة، وهاتان القوتان يمكن أن تضاف إليهما القوة الاستراتيجية على مستوى الدول.

لا يخفى على الجميع التغير والتغيير الحاصلان في حياتنا على المستويين المحلي والعالمي، اللذان أثرا على الفرد والمجتمع والأحداث العالمية، تدخلت في إعادة تشكيل خارطة المفاهيم لكثير من الدول ومنها المملكة العربية السعودية، التي تتميز بثقلها الاستراتيجي المؤثر، الذي يعد من أهم ركائز رؤية 2030، فالعمق التاريخي والأصالة العربية والقوة الإسلامية والموقع الجغرافي شكلت الربط للقارات الثلاث:

آسيا وأفريقيا وأوروبا، وأعادت مفهوم امتلاك المملكة قوة الإنجاز والإعجاز للنظر إلى ما وراء هذا التغيير الجذري، الهادف إلى تثقيف الأجيال القادمة، كونهم الهدف الرئيس الذي تسعى الدولة رعاها الله إلى تحقيقه.

مشروع «ذا لاين» هو أحد المشاريع العملاقة تحت مظلة نيوم العصرية، والذي أعلن عنه أخيرا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله من خلال العرض المقدم استشرافا لمستقبل نقي وواعد، يساعد في تغيير الصورة الذهنية للمدن التقليدية بفكر مستقبلي غير مسبوق، يتماشى مع ما رسمته وخططته المملكة، وأكدته من خلال رؤيتها الساعية إلى تعزيز جودة الحياة الإنسانية برفع قيمة المواطن من خلال هذا النموذج المطروح بإذن الله تعالى.

من خلال حديث سموه الشغوف والمتطلع لقادم الأيام، أشار في تعليقه إلى الإنسان وكيف أصبح في عالم النسيان في عصر الصناعات وتنمية المعدات والسيارات والتقنيات والاختراعات، وهذه بطبيعة الحال ضريبة التطور الذي يركز في الآلة على حساب الإنسان، سعيا وراء الكسب المادي بالتدمير البيئي الجائر، ومن المفترض ألا يتعارض مفهوم التقدم والتطوير والتنمية مع مبدأ قيمة الجوانب الإنسانية والبيئية.

تابعت بشغف حديث الأمير الشاب الذي عكس قيمة الحس البشري الواعي في خضم المخترعات التنافسية العالمية الشرسة، التي أهملت وعطلت البناء الإنساني وطورت في البناء الآلي والعمراني، وأفقدت الإنسان هويته البيئية وحقه المشروع في العيش الصحي الطبيعي، بسبب الهجرات المتعددة والوفيات المترتبة على منظومة التقنيات غير الآمنة والمفعمة بالتلوث والعوادم الصناعية.

مشروع «ذا لاين» أرى أنه منتج صحي إنساني يركز على البيئة الطبيعية والبشرية الآمنة بثلاثة مؤشرات صفرية، أشار إليها ولي العهد في حديثه:

- أولا «صفر سيارات»، أي اللجوء لرياضة المشي والعودة للطبيعة الإنسانية في الحركة لتلبية الاحتياجات الشخصية، وهذا مؤشر الاستغناء عن الآلة التي تسببت بزيادة الوزن، وهي المصدرة لعوادم البيئة من مواد كيميائية خطرة كأول أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأكاسيد النيتروجين والفورمالديهايد وعمليات الاحتراق للبنزين والديزل، جميعها تشكل الضرر المرحلي والمستدام حال استنشاقها بكميات كبيرة وباستمرار.

- ثانيا «صفر شوارع»، وتعني تعزيز البيئة الطبيعية بالمسطحات الخضراء والاستغناء عن المسارات السوداء، لتلبية الاحتياج الإنساني من الأكسجين النقي وإعطاء الطبيعة حقها من الجمال الفطري لتحقيق التفاعل الإيجابي بين الإنسان والبيئة.

- ثالثا «صفر انبعاثات كربونية»، التي تشير إلى نقاء المنطقة من التكنولوجيا المصدرة للبصمة الكربونية، التي تعني إجمالي الغازات الدفيئة الخطيرة والملوثة للبيئة، والتي تؤدي إلى الاحتباس الحراري بحسب نتائج مؤتمر قمة المناخ الأخير.

وصول المؤشرات الثلاثة إلى الصفر يساوي القيمة الحقيقية للبشر في منظومتنا الوطنية المستقبلية، «ذا لاين» رؤية حقيقية لتحقيق الاستثمار في البشر بالمحافظة على الثروة الإنسانية بوصفها أنموذجا لبناء مدن ذكية تسعى لخدمة الإنسان قبل تطوير العمران، والوطن ينتظر بشغف حلم الأمير الشاب لتحقيق رؤية وطنية واعدة لبيئة عصرية جاذبة مفعمة بالصحة، من خلال مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.

Yos123Omar@