أحمد محمد الألمعي

الأثر النفسي للقيادة الإيجابية

الأربعاء - 20 يناير 2021

Wed - 20 Jan 2021

علم دراسة التأثير النفسي على الحشود هو فرع من علم النفس، وقد نشأ وتطور إلى حد كبير خلال العقود الماضية، وأصبح جزءا مهما من قرارات الساسة.

ومن المعروف أن للقادة تأثيرا نفسيا كبيرا على شعوبهم في عدة نواح من حياتهم وعلى عدة مستويات، وقد يكون هذا التأثير سلبيا أو إيجابيا.

ويدرك كثير من الزعماء قوة تأثيرهم النفسي والمعنوي على شعوبهم، ويسخّرون هذا التأثير في سبيل تحقيق أهداف معينة تخدم مصالح الدولة والشعب في سبيل الرقي والتطور اللذين يكونان سببا في تطور الأمم وبناء الحضارات.

ولا يمنع ذلك وجود زعماء سياسيين أو دينيين يجرون شعوبهم إلى الانقسام والدمار لأسباب عنصرية أو أفكار خبيثة هدامة، وهناك كثير من الأمثلة من التاريخ القديم والحديث التي تذكر في هذا السياق.

ومن أمثلة التأثير النفسي الإيجابي للزعماء ما هو ملحوظ من تأثير ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على أفراد الشعب السعودي، خاصة جيل الشباب الذين أصبحوا يتابعون بشغف قراراته وخطاباته ويقلدونه حتى في اللباس والسلوك.

وقد ذكرت تقارير في صحف وبرامج غربية هذا التأثير الإيجابي الملهم. دور القيادة في خضم كل الأحداث التي تمر بها المنطقة كان جليا بداية بجائحة كورونا، التي كان للقرارات الصائبة فيها الدور الكبير في التحكم بهذه الجائحة في المملكة.

فبينما تعاني كثير من الأنظمة الصحية في كثير من الدول المتقدمة صعوبات كبيرة في تقديم العلاج والتحكم في أعداد المصابين والوفيات أدت إلى فشلها في التعامل مع هذه الجائحة، تستمر أعداد المصابين في المملكة في التناقص حتى أصبح برنامج المملكة الصحي وبحمد الله مثالا يحتذى به في التعامل مع الجائحات والحشود، ويستحق العاملون في القطاع الصحي الشكر والتقدير أفرادا وقيادة لما قدموه من تضحيات وتفان وحسن تخطيط.

في مسار جهودنا لفهم وإتقان مهارات القيادة، فإننا نميل إلى إغفال حقيقة أن هناك جزأين في معادلة القيادة، فالزعماء لا يحتاجون فقط إلى موهبة استثنائية للقيادة، بل يحتاجون أيضا إلى القدرة على جذب أتباعهم عن طريق الكاريزما وشخصية تتحلى بإظهار الرعاية والاهتمام بمن حولها، وهناك تأثير واضح ومتبادل بين القائد والأتباع في كلا الاتجاهين بناء على التفاعل والرسائل المباشرة وغير المباشرة، لفظية أو سلوكية يتبادلها الطرفان.

ومن الناحية النفسية، تنقسم دوافع التابعين أو «الموظفين» في أي مؤسسة إلى فئتين عقليتين؛ واعية وغير واعية.

الدوافع العقلية الواعية تكون على مستوى واضح، فهي معروفة وتُدرك. إنها تتعلق بآمالنا في كسب المال أو المكانة أو السلطة أو الدخول في مشروع ذي مغزى باتباع قائد عظيم - ومخاوفنا من أننا سنفتقد ونخسر ما لم نفعل ما هو ضروري لفعله.

في معظم الأحيان، الدوافع غير الواعية هي الأكثر تأثيرا، تقع خارج نطاق وعينا، وبالتالي خارج نطاق قدرتنا على السيطرة عليها. بالنسبة للجزء الأكبر تنشأ هذه الدوافع من الصور والعواطف القوية في اللاوعي لدينا، والتي تؤثر على علاقاتنا وتفاعلنا مع القادة.

القيادات الملهمة تحفز الشعوب وتكون سببا في تغييرات كبيرة في زمن قصير، لأن الناس يثقون بقدرة القيادة الفعالة على تجاوز الصعاب وتحقيق الأهداف المرجوة. هناك حاجة ماسة للقادة على حد سواء للتغيير على نطاق واسع على مستوى الدول أو حتى على مستوى الأعمال والشركات.

القيادة الجيدة هي الميزة التنافسية الأكثر أهمية التي يمكن أن تتمتع بها أي مؤسسة أو شركة، لذلك فانه ليس من المستغرب أن يركز علماء الإدارة دائما وبشدة على سمات وملامح القيادة الناجحة.