برجس حمود البرجس

5 تريليونات ريال ثروات السعودية التعدينية

الثلاثاء - 19 يناير 2021

Tue - 19 Jan 2021

كما وهب الله سبحانه وتعالى المملكة العربية السعودية 15% من النفط العالمي، وهبها أيضا موارد معدنية في باطن الأرض تقدر قيمتها بنحو 5 تريليونات ريال، ومنها «ذهب» بقيمة تريليون ريال و»نحاس» بقيمة تريليون ريال آخر، و»فوسفات» بقيمة 1.2 تريليون ريال.

«الاستراتيجية الشاملة للتعدين والصناعات المعدنية» في السعودية التي وافق عليها المقام السامي الكريم بقرار من مجلس الوزراء في 24 ربيع الأول 1439 هـ تضمنت الوجه الجديد لقطاع التعدين وصناعاته ليُستثمر أفضل استثمار، وينعكس ذلك على إيرادات الدولة واقتصادها وتوليد الوظائف المجدية.

انبثقت «الاستراتيجية» من رؤية المملكة 2030 وركزت بشكل أساسي على تعظيم القيمة من الموارد المعدنية بالمملكة. هذا يعني تطوير الاستثمار التعديني بشكل كبير للحصول على الاستغلال الأمثل للثروات التعدينية ليسهم بالشكل المأمول بالناتج المحلي الإجمالي للمملكة، حيث إن المتوقع زيادة مساهمته من 64 مليار ريال في عام 2015 إلى 240 مليار ريال لعام 2030.

تسعى «الاستراتيجية» أيضا إلى رفع عدد الوظائف في القطاع التعديني وصناعاته من 150 ألف وظيفة إلى 220 ألف وظيفة، وزيادة إيرادات الدولة من التعدين من 4.9 مليارات ريال في 2015 إلى 14 مليار ريال في 2030.

تضمنت «الاستراتيجية» أكثر من 40 مبادرة تنظميه وتمكينية موزعة على جميع مراحل سلاسل القيمة، بداية من العمليات الأولية للأنشطة التعدينية ومرورا بمراحل الصناعات المتوسطة وانتهاء بمرحلة الصناعات التحويلية للمنتجات النهائية، واعتمدت على ركائز رئيسة، هي: توفير البيانات الجيولوجية وتسريع عملية الاستكشاف، وتيسير الاستثمار وتطوير البنية التنظيمية وضمان استدامة تمويل قطاع التعدين، وتطوير سلسلة القيمة والصناعات المعدنية وجذب الاستثمارات.

حددت «الاستراتيجية» الأهداف الرئيسية للقطاع، ومن أهمها التوسع في إنتاج الفوسفات لتكون المملكة ضمن أكبر ثلاث دول منتجة بالعالم، وزيادة إنتاج الذهب والنحاس ومعادن الأساس لعشرة أضعاف، ومضاعفة إنتاج الحديد وتحقيق الاكتفاء الذاتي منه، والوصول بالمملكة لتصبح من العشر الأولى عالميا من حيث إنتاج الألمونيوم والقدرة الإنتاجية للصناعات التحويلية. شملت أيضا أهم الأهداف التوسع في سلاسل قيم جديدة مثل اليورانيوم والتيتانيوم وعناصر أرضية نادرة.

ولتحقيق هذه الأهداف تم تخصيص 15 مليار ريال ميزانية أولية لدعم «الاستراتيجية» وعملية التحول في قطاع التعدين من خلال عدة مبادرات، ومن أهمها إنشاء الشركة السعودية لخدمات التعدين، وإنشاء شركة الخدمات الجيولوجية والاستكشاف، والبرنامج العام للمسح الجيولوجي، وتسريع أعمال الاستكشاف، وتعديل نظام الاستثمار التعديني واللوائح المنظمة، وتعزيز الاستثمار في قطاع التعدين، وبناء قاعدة المعلومات الوطنية لعلوم الأرض، وإنشاء مكتبة عينات الحفر، ورصد المخاطر الجيولوجية والمساهمة في الحد من آثارها، وتحقيق الاستدامة في قطاع التعدين، وتطوير وتمكين سلسلة القيمة للحديد والصلب، وتطوير وتمكين سلسلة القيمة لمعادن الأساس.

النظام الجديد للاستثمار التعديني شمل 63 مادة لضمان حوكمة القطاع، وتعزيز الشفافية وثقة المستثمر، وتحقيق الاستدامة وزيادة الالتزام البيئي، وآلية واضحة ومفصلة بالالتزامات والمقابل المالي المترتب على المستثمرين، وتوفير التمويل المستدام، وتشجيع الاستثمار في سلاسل القيمة المعدنية.

كل ما سبق ذكره في هذا المقال تقوم به الدولة ويعد بمكانة البنية التحتية وتنظيم العلاقات والتعاقدات وحوكمة القطاع، يبقى الدور الآن على المستثمرين والقطاع الخاص للاستثمار والقيام بالأعمال من مراحل الاكتشاف والإنتاج وبقية سلاسل القيمة حتى المنتج النهائي.

يبقى التحدي الأكبر هو ثقافة القطاع الخاص المحلي للاستثمار بهذه الأعمال الضخمة، التي ربما يعزز منها جذب شركات أجنبية وشركات حكومية.

ربما يختلف معي كثيرون، لكن أرى أن القطاع التعديني بعد اكتمال أعماله بالوجه الجديد هو الركيزة الثانية للصناعات الوطنية بعد النفط، وليس الركيزة الثالثة كما يراه الجميع بعد النفط والبتروكيماويات.

Barjasbh@