ياسر عمر سندي

هنا الرياض

الأربعاء - 25 نوفمبر 2020

Wed - 25 Nov 2020

صادف هذا العام الميلادي 2020 قبل انتهائه بشهر تقريبا، وتحديدا في 21 و22 نوفمبر حدثا بالغ الأهمية، شهده وشاهده العالم، استضافته أيقونة العالم الإسلامي والعربي، وكان حدثا يلائم صداه حجم المملكة في ثقلها السياسي والقاري والعالمي، إذ ترأست بكل اقتدار مجموعة العشرين الأكثر تأثيرا على اقتصاديات العالم، من ناحية القوة والطاقة والمعرفة والعمق الجغرافي الاستراتيجي.

وبفضل من الله سبحانه وتعالى ثم بتطلعات القيادة الواعية للمملكة العربية السعودية، المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، نجح ملف رئاسة المجموعة لهذا العام، في ظل تحد عظيم يمر به العالم بأسره هو (كوفيد - 19).

هذا التحدي الصحي الذي تسبب في تراجع كبير للمفهوم الاجتماعي، أحدث حلحلة وتفككا بسبب التباعد الذي أحدثه هذا الوباء، وأدى خلال عام تقريبا إلى نشوء القلق والانكماش، وهذان العاملان أثرا تأثيرا مباشرا على التنمية الاقتصادية والاجتماعية الحاصلة حاليا بين البشر، بسبب فوبيا انتقال العدوى، إضافة إلى التعطل الناتج عن صعوبة دوران العجلة الاقتصادية، الذي تسبب بفقدان كثير من الموارد البشرية من القادرين على أداء أعمال وظائفهم بإمكاناتهم وقدراتهم في معظم دول العالم المتقدمة والنامية والمتأخرة كذلك.

في رأيي أن أول النجاحات السابقة واللافتة للنظر قبل انعقاد القمة بفترة هو شعارها الأخاذ، الذي توصل إلى تصميمه المبدع محمد الحواس، حيث عكس طبيعة المملكة، وجمع بين أصالتها وعراقتها وكرمها المبني على العادات والتقاليد الموروثة، ومن جميع الأطياف والثقافات المناطقية المتعددة في تداخل الألوان الخمسة: الأخضر والأصفر والأبيض والأحمر والأسود على خيوط السدو المستعملة في نسيج الخيمة العربية، التي عكست الطبيعة والطابع، ناهيك عن شكل التصميم الذي أتصوره شخصيا حزاما أو عمامة تلتف في صورة رمزية تعبر عن التآخي والتآزر واللحمة الوطنية التي نعيشها أمام العالم بأسره.

كان من حسن الطالع ظهور خادم الحرمين الشريفين رئيسا للقمة، والتميز الافتراضي الحاصل من خلال كلمته الافتتاحية، التي ركزت على محاور عدة، والتي أسميها مثلث الكرامة البشرية، وهي «الانسان والمكان ومقومات الزمان»، حيث ابتدأ خطابه الكريم باعتذار الأكرمين من ديار الأكارم عن عدم إمكانية قيام المملكة بالضيافة المعتادة الواجبة في استقبال ضيوفها، كما هو في نهجها وديدنها المستمر، واستكمل حديثه أطال الله في عمره عن الهدف الرئيس والأساس في النماء والانتماء والبناء، وهو الإنسان وكيفية رسم حاضره واستشراف مستقبله، في ظل هذه الجائحة التي غيرت من خارطة العالم أجمع.

التركيز على المورد البشري بلا شك من أبرز نقاط أجندة المجموعة التي وضعتها المملكة، وأكدتها بالدعم المادي والمعنوي اقتصاديا واجتماعيا، وبالخطط اللوجستية والصحية التي صقلت خبرة المملكة في مواجهة أي مستجدات وبائية مستقبلية ولله الحمد، ومن ثم ركز حفظه الله على المكان، وهي الأراضي الخاصة بالشعوب والكوكب المشترك الذي يجمعنا، وعدها خطوة استباقية تذكر المجموعة بضرورة توفير المأوى الكريم، خاصة للشعوب المعدمة والفقيرة والنامية التي تأثرت بالجائحة.

وأكد حفظه الله على المقومات الرئيسة الاقتصادية والتجارية، التي تعطلت عجلة دورانها بوقف النواتج المحركة لاقتصادات هذا الكوكب، والتي تنعكس من الاحتياجات الإنسانية لسد العوز العالمي من الأساسيات والكماليات، لنتجاوز هذه المحنة بمنحة إلهية ثم بعقليات معرفية تعمل على جميع النواحي للنهوض من هذا الهبوط الحاصل، والتأكيد على المجموعة بدورها الفاعل، كونها تمتلك 80% من الاقتصاد العالمي في تأمين كل ما من شأنه الإسراع في إعادة الروح للجسد، بإنعاشه فكريا وعلميا ومعرفيا وصحيا لاستعادة العافية من جديد بإذن الله تعالى.

وفي اليوم الثاني ألقى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان كلمته التي أعلن فيها عن مبادرة الرياض، التي ترتكز على عالم أكثر استدامة لدعم الإنسان في صحته تجاه لقاح فيروس كورونا، من خلال ما قدمته المملكة من دعم مالي يقدر بـ 500 مليون دولار لجهود إنتاج اللقاح، وضمان توزيعه العادل لينتفع منه الجميع، ودعم الاقتصاد العالمي، والتزامها الإنساني مع الدول المتضررة والأكثر ضعفا، وضمان صحة البيئة والمكان بتقليل انبعاثات الكربون لحماية كوكبنا.

شكرا لك يا مملكة الإنسانية فيما أثبتِّه للعالم في جميع المحافل والأزمات، فأنتِ السباقة دوما بكلمتك.

«هنا الرياض».

Yos123Omar@