مودة محمد نور سمكري

أيها التغيير الجميل.. لم لا نتقبلك؟

الاحد - 22 نوفمبر 2020

Sun - 22 Nov 2020

للوهلة الأولى قد يبدو أن غالبية الناس يرغبون في الحصول على حياة مستقرة تجنبا للمفاجآت الغامضة في المستقبل، قد يكون هذا أحد أسباب بحثنا عن وظيفة ذات راتب جيد في شركة مستقرة تتمتع بسمعة مرموقة. وليس من المستغرب أننا نحاول بهذه الطريقة تأمين احتياجاتنا الأساسية لنا ولأطفالنا، لكن في بعض الأحيان، خاصة عندما نصل إلى ما أردناه بتحقيق هذا الاستقرار، قد نشعر بالملل أو حتى الإرهاق من الروتين، وفي هذه الحالة يكون لتجديد الروتين الذي اعتدنا عليه دورا مهما لتحقيق شعور الرضا والسعادة. لكن ماذا لو أُجبرنا على التغيير!

مما لا شك فيه أن الحياة تدور دائما حول التغيير وأن دوام الحال من المحال، فذلك لأن العالم اليوم أصبح متسارعا في التطور، فتطور التقنية والعلم في الأعوام الأخيرة يثبت ذلك، بالإضافة إلى ظهور الفجوات العمرية والفكرية بين الأجيال مما أظهر مفهوم «صراع الأجيال»، وهنالك أيضا الأشياء التي تحدث خارج سيطرتنا وتجبرنا على التغيير مثل الكوارث الطبيعية، وفي هذا المثال لا يمكننا ألا نلتفت إلى أزمة كورونا التي أجبرت العالم على تغيير أنماط حياتهم، وبالنسبة لعالم الأعمال على سبيل المثال أصبح شديد التنافسية وأكثر تقلبا من أي وقت مضى.

فعندما يتعلق الأمر بإجراء التغيير، الأسهل غالبا التحدث عنه بدلا من القيام بشيء ما. دائما ما تكون الخطوة الأولى هي الأصعب والأهم، ومن الجدير هنا أن نتطرق إلى أن أسلوب تربية الأبناء الذي أعتدنا عليه يجب أن يتغير، فالفجوة العمرية والفكرية التي بين الأجيال في هذا العصر يستحيل أن نطبق فيها طريقة تربية آبائنا لنا على أولادنا، أو حتى طرق التدريس التي كانت تدرس قبل 20 عاما لهذا الجيل. فإذا أردنا أن نورِّث أجيالنا القيم ونجعلهم في المقدمة فإنها مسؤوليتنا نحن أولا، أن نبدع ونبتكر في أساليبنا التقليدية معهم. لا ننسى هنا الآية الفضيلة في سورة الرعد: (ِإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، فالدعاء والتوكل على الله في تربية أبنائنا يجب أن يتوافق مع تقبل أنفسنا لهذا التغيير، وأن نغير أساليبنا التربوية والتعليمية أولا نحو الأفضل.

حتى في بيئات العمل، فإن للقائد دورا مهما في إدارة التغيير وتشجيع ومساعدة الموظفين على التأقلم. وهنالك العديد من النظريات في الإدارة التي تساعد المدراء في تحقيق عملية التغيير الناجح. ومن أهم هذه النظريات استراتيجية التحري التقييمي التي تعرف ب (Appreciative Inquiry)، وهو أسلوب لقيادة التغيير، سواء على مستوى الفرد أو الفريق أو المؤسسة بأكملها من خلال تعزيز الإيجابيات ونقاط القوة للماضي والواقع، والبناء عليه لأجل إحداث التغيير الإيجابي، وحل المشكلات. ويتم هذا بأربع مراحل أساسية، هي الاكتشاف: تحديد وتقدير نقاط القوة وأفضل ما هو موجود في الوضع الحالي، ثم مرحلة الحلم وهنا يتم وضع رؤية واضحة موجهة للنتائج المرغوب تحقيقها، بعد ذلك مرحلة التصميم حيث يتم صياغة الخطط والاستراتيجيات لتحقيق الأهداف، وأخيرا مرحلة التنفيذ.

من الطبيعي أننا بطبيعتنا البشرية نسعى جاهدين لمقاومة التغيير لتحقيق الاستقرار في الغالب، والتمكن من السيطرة، والتحكم بزمام الأمور، إن مقاومة التغيير في الحقيقة قد تنعكس سلبيا على أنفسنا، فنفقد المرونة والقدرة على سرعة اتخاذ القرارات المناسبة في مواقف مختلفة، وبالتالي، من الضروري التأقلم والتكيف مع تغييرات الحياة، لأنها ستساعدنا في الحياة على التعايش واكتساب مهارات عديدة والمضي قدما على المسار الصحيح، ولهذا السبب حتى الاختلافات الصغيرة في الحياة يمكن أن تجعلنا ننظر إلى الآخرين وأنفسنا بشكل مختلف، ومن شأنها أن تجلب لنا السعادة والارتقاء إلى مستوى التحدي والرضا عن الحياة، والنتيجة شخصية أفضل وأكثر نضجا.