فيلسوف تحت رحمة الجهلاء
الأربعاء - 18 نوفمبر 2020
Wed - 18 Nov 2020
سقراطُ متَ لتحيا في الخلود أباً
خُيرتَ بين رغيد العيش في كذِبٍ
فقلت هاتوا كؤوس السم أشربها
شربتَ كأسكَ لم تحفلْ بمن نظروا
كتبتَ بالموت للتاريخ فلسفةً
كأنها بدماء القلب قد كُتِبت
كتبتَ فلسفةً بالموت حاولها
من لم يُضحِّ لحقٍ مات من قهَرٍ
الخُلْدُ يُؤتَى لمن للحق قد نذروا
ولم يُبالوا إذا ما الموتُ جائهمُ
قلت: " الأكيدَ الذي في العلمِ أعلمُهُ
بـ(أحكمِ الحُكَما) سمّوك حين رضوا
قالوا: حكيمٌ، فقلتَ: الجهلُ يملؤني
قضوا عليك بسجنٍ ثم قد حكموا
رفضتَ تهربُ من سجنٍ رُميتَ به
وكيف يُعدمُ شعبٌ من يُعلمُهُ
ماذا فعلتَ لتلقى الموت يا ابن أبي
لو كُنتَ ٱمنت بالعادات، ما اجترئوا
ماذا عليكَ إذا حَبُوا خرافتهم
ماذا عليك إذا جاريتهم أبداً
بالشكّ دوماً بما قالوا وما عملوا
كان اليقينُ إليكَ الشك حيث بهِ
أنكرتَ إيمانهم بالآلهات فلم
جحدتَ أيّ خُرَافاتٍ تُخَوِفُهُم
وكل عادةِ معتوهٍ توارثها
شككتَ في كلِ أمرٍ سلموا سَذَجَاً
رميتَ أسئلةً في الفكرِ أسلحةً
وكلما برقعوا بالحقِ زيفهمُ
وقلتَ هلا فصلتم بين رغبتكم
الحق في رغبات الناسِ مُلتَبِسٌ
يُمَنطِقُونَ من الأهواء ما وجدوا
ثم ادعوا أنهُ الحق الذي اتبعوا
ناقشتَهم ولقد بانَت هشاشتهم
وأنتَ مثل الرياحِ الهوجِ تضربها
ما كنتَ ذا طمعٍ فيهم ولا جشعٍ
وقد زهدتَ فلا جاهٌ طمعت بهِ
ما قطُ قد وجدوا عيباً تُعابُ به
القلب يغلي بهم من نارهِ حسداً
تحايلوا وافتَروا حُكماً أتوك بهِ
قضوا عليك بإعدامٍ وُهبتَ به
طول الخلود على الروح اللتي سَلَبُوا
وقفتَ تسخرُ منهم في مُحاورةٍ
طالبتَ في ثقةٍ بالموتِ فاضطربوا
الموتُ يُطلِقُ للروحِ العنانَ لكي
والجسمُ....، مالجسمُ للأرواح إن علِقَت
شربتَ سُمّكَ لم تشعر به أبداً
بكوا إلى أن بكى السجانُ بعدهمُ
ظللتَ تنهرُ من يبكي وتزجرهُ
وصرت تمشي ويمشي السمُ في بدنٍ
حتى على جنبك استلقيتَ في تعبٍ
فقُلتَ: ويلٌ لمن يأتي به زمنٌ
والجهلُ مُرتَغَبٌ والعلمُ مُغتَرِبٌ
لا بُدَ من أن يعاني العمرَ مُغترِباً
إن كَفّروهُ فَمَا مستغربٌ أبداً
ظللتَ تنظرُ في الروحِ اللتي خرجت
قد مُتَ لكن حَيِيتَ الدهرَ مُحتَرمًا
لكـــل فلسفــــةٍ للعلم تنتسبُ
خُيرتَ بين رغيد العيش في كذِبٍ
وبين موتٍ له العلياء ترتَقِبُ
فقلت هاتوا كؤوس السم أشربها
السم أحلى من الوهم الذي شربوا
شربتَ كأسكَ لم تحفلْ بمن نظروا
كأنها الخمرُ، أشهى ما حوى العنبُ
كتبتَ بالموت للتاريخ فلسفةً
تُلخِصُ العلم بل تُرمى لها الكتبُ
كأنها بدماء القلب قد كُتِبت
أو خطها الدمعُ أو قد صاغها الذهبُ
كتبتَ فلسفةً بالموت حاولها
كل الفلاسفة الأولى فما كَتبوا
من لم يُضحِّ لحقٍ مات من قهَرٍ
وعاش - لو عاش دهراً- وهو مكتئبُ
الخُلْدُ يُؤتَى لمن للحق قد نذروا
نُفُوسهم وعيون الموت ترتقبُ
ولم يُبالوا إذا ما الموتُ جائهمُ
أو أنهُم لعرين الموت قد ذهبوا
قلت: " الأكيدَ الذي في العلمِ أعلمُهُ
أن لست أعلم شيئاً، جهليَ السبب ُ"
بـ(أحكمِ الحُكَما) سمّوك حين رضوا
و(مفسد الشعب) لما منك قد غضبوا
قالوا: حكيمٌ، فقلتَ: الجهلُ يملؤني
بل ليس عنديَ إلا الجهل والأدبُ
قضوا عليك بسجنٍ ثم قد حكموا
عليك بالموت قلتَ: الموتُ مرتقبُ
رفضتَ تهربُ من سجنٍ رُميتَ به
ظُلماً لأن صفات العاجز الهربُ
وكيف يُعدمُ شعبٌ من يُعلمُهُ
مالا يُعلمُهُ التاريخُ والكتبُ
ماذا فعلتَ لتلقى الموت يا ابن أبي
حُكماً عليكَ بظلمٍ ما هو السببُ؟
لو كُنتَ ٱمنت بالعادات، ما اجترئوا
عليك، حتى وإنْ في صدقها الرِيَبُ
ماذا عليكَ إذا حَبُوا خرافتهم
أو أنهم صدّقُوا الكذبَ الذي كذبوا
ماذا عليك إذا جاريتهم أبداً
في كل أسطورةٍ برهانُها الكذبُ
بالشكّ دوماً بما قالوا وما عملوا
قد اهتديتَ إلى الحقِ الذي اجتنبوا
كان اليقينُ إليكَ الشك حيث بهِ
عن كل غيب خفيٍ تُرفَعُ الحجبُ
أنكرتَ إيمانهم بالآلهات فلم
تؤمن بهِن ولا النَصْبَ التي نَصَبُوا
جحدتَ أيّ خُرَافاتٍ تُخَوِفُهُم
فيذبحون لها القربان إن رهِبُوا
وكل عادةِ معتوهٍ توارثها
من جَدِ جَدهِمُ إبنٌ لهم وأبُ
شككتَ في كلِ أمرٍ سلموا سَذَجَاً
فيه بصحته يوما وما نقبوا..
رميتَ أسئلةً في الفكرِ أسلحةً
تُمِيتُ ما نشؤوا فيه وما دأبوا..
وكلما برقعوا بالحقِ زيفهمُ
كَشَفْت كُلَ نقاب فيه ينتقبُ
وقلتَ هلا فصلتم بين رغبتكم
والحقِ، مابينها في أصلها سَبَبُ
الحق في رغبات الناسِ مُلتَبِسٌ
إن الحقيقةَ في الأمرِ الذي رغِبوا
يُمَنطِقُونَ من الأهواء ما وجدوا
مُلائماً لهواهُم حيثما ذهَبوا
ثم ادعوا أنهُ الحق الذي اتبعوا
لن يتركوهُ وإن أُوذوا وإن صُلِبوا
ناقشتَهم ولقد بانَت هشاشتهم
كأنها ريشةٌ في الجوِّ تضطَرِبُ
وأنتَ مثل الرياحِ الهوجِ تضربها
حتى لقد رهبوا الأفكار وارتعبوا
ما كنتَ ذا طمعٍ فيهم ولا جشعٍ
بل كل أموالك الأفكار والخُطَبُ
وقد زهدتَ فلا جاهٌ طمعت بهِ
ولا نساءٌ ولا مالٌ ولا ذهبُ
ما قطُ قد وجدوا عيباً تُعابُ به
فحاكموك على النقص الذي طَلبُوا
القلب يغلي بهم من نارهِ حسداً
على الذكاء الذي في مثله رغبوا...
تحايلوا وافتَروا حُكماً أتوك بهِ
زوراً أتاك بهِ البهتانُ والكذبُ
قضوا عليك بإعدامٍ وُهبتَ به
طول الخلود على الروح اللتي سَلَبُوا
وقفتَ تسخرُ منهم في مُحاورةٍ
كانت "دفاعا" ولكن كُنتَ من يثِبُ
طالبتَ في ثقةٍ بالموتِ فاضطربوا
من الشجاعةِ حتى منك قد رهَبُوا
الموتُ يُطلِقُ للروحِ العنانَ لكي
تطير من قيدها حيث الفضا الرحِبُ
والجسمُ....، مالجسمُ للأرواح إن علِقَت
في العظم إلا كسجنٍ فيه تغترِبُ
شربتَ سُمّكَ لم تشعر به أبداً
لكن مُحبُوك من ذاقوهُ فاضطربُوا
بكوا إلى أن بكى السجانُ بعدهمُ
والقلبُ منفطرٌ والوجهُ مُكتئِبُ
ظللتَ تنهرُ من يبكي وتزجرهُ
وثابتٌ أنت لا يبدو بك التعبُ
وصرت تمشي ويمشي السمُ في بدنٍ
حتى لقد قام في الرجلينِ ينتصبُ
حتى على جنبك استلقيتَ في تعبٍ
وقد تشرّبَ منه القلبُ والعصَبُ
فقُلتَ: ويلٌ لمن يأتي به زمنٌ
لُهُ سابقٌ، في الناس مغتربُ
والجهلُ مُرتَغَبٌ والعلمُ مُغتَرِبٌ
والحكمُ مضطرِبٌ والشَعبُ مُنشَعِبُ
لا بُدَ من أن يعاني العمرَ مُغترِباً
منهم وتلحَقُهُ الآفاتُ والكُرَبُ
إن كَفّروهُ فَمَا مستغربٌ أبداً
أو أعدموهُ فلا ذُهلٌ ولا عَجَبُ
ظللتَ تنظرُ في الروحِ اللتي خرجت
نحوَ السماءِ وهذي الأرضُ تتتحبُ
قد مُتَ لكن حَيِيتَ الدهرَ مُحتَرمًا
إن مُتَ تبعثُكَ الأقلامُ والكتُبُ