أحمد محمد الألمعي

لماذا تكرم الأمم أطباءها وعلماءها؟

الأربعاء - 18 نوفمبر 2020

Wed - 18 Nov 2020

رب ضارة نافعة. كان لأزمة كورونا التأثير الكبير على مجتمعات كل الدول دون استثناء، بصرف النظر عن الثقافة والجنسيات والدين..إلخ. عند بداية أزمة كورونا وعندما بدأت تسقط الضحايا وأحس زعماء العالم بالعجز حيال هذا المرض الفتاك، الذي انتشر بسرعة وحصد كثيرا من الأرواح، كانت إسبانيا من أولى الدول التي تأثرت وأدى ذلك إلى فشل نظامها الصحي في التعامل مع هذه الأزمة، وكذلك كان الوضع في كثير من الدول الأخرى المتقدمة، ظهرت عالمة إسبانية بتصريح تقول فيه «كيف تدفعون لعالم 1800 يورو شهريا لاكتشاف علاج كورونا، بينما تدفعون للاعب كرة قدم مليون يورو شهريا، الآن عرفتم قيمة العلماء في هذه الأزمة. اذهبوا إلى ميسي ورونالدو ليجدا لكم علاجا لكورونا».

بفضل الله أظهرت الأزمة حكمة القيادة السعودية ومهارة المسؤولين في التعامل مع هده الجائحة، والإحصاءات أكبر دليل. هذه الأزمة أظهرت أهمية الأطباء والعلماء للبشرية، بالمقابل انحسر دور بعض مشاهير السوشال ميديا وغيرهم من التافهين، الذين اختفوا تماما لغياب أي دور فعال لهم.

‏الأمم ترتقي وتتقدم بأبنائها المتعلمين وعلمائها الذين يساهمون في حضارتها وتقدمها وقوتها، وتتباهى الدول العظمى بعلمائها وتقدم لهم المنح العلمية لأبحاثهم والجوائز الكبيرة، وتكتب عنهم الكتب وتنتج الأفلام تمجيدا لإنجازاتهم، تكريم هذه الفئة من المجتمع على مستوى وطني ينبغي أن يكون من أولوياتنا. كما أنه من المهم أن يكون التكريم بناء على الإنجازات، وليس بناء على الاسم والقبيلة أو مكانة الأسرة حتى لا تفقد هذه الجوائز أهميتها وقيمتها المعنوية التي وضعت لأجلها، فهذا الموضوع ليس فيه «واسطة»، وكم من جوائز التكريم أصبحت بلا معنى في كثير من الدول لأنها تمنح لمن لا يستحقونها، ولكم أن تتصوروا الإحباط الذي يصيب المبدعين كنتيجة، لذلك ما هكذا تبنى الأمم والحضارات.

ليس هناك عيب ‏في تكريم الشعر العربي بأنواعه، والرواية العربية ‏والفنانون والرياضيون وما إلى ذلك من المجالات الأدبية، ‏ولكن من العيب أن يتصدر هؤلاء المجتمعات وينفردوا ‏بالتكريم ‏والمدخولات الفلكية، ‏بينما يأخذ العلماء المقعد الخلفي!

الثقافة الفنية والأدبية والرياضية تساهم في رقي المجتمعات، ولكن في زمن الأزمات يظهر دور العلماء. تحظى مجتمعاتنا العربية بكثير من العلماء ‏الذين لهم إسهامات كبيرة.

وقد اهتمت المملكة بأبنائها، وفتحت المدارس والجامعات ومراكز البحوث وابتعثت مئات الألوف من أبنائها لتعليمهم وتدريبهم مند أربعينات القرن الماضي الهجري، بداية من عهد المغفور له مؤسس الدولة السعودية الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، وكان بناء الإنسان السعودي أحد أهم أولويات ولاة الأمر. وتم قبول الطلاب والمبتعثين السعوديين في أفضل جامعات العالم، ورصدت لذلك الميزانيات الضخمة وظهر أثر ذلك جليا في جيل من أبناء وبنات الوطن المتعلمين، الذين برزوا على المستوى العالمي.

الدول تكرم علماءها وأطباءها، وتجعلهم في مقدمة المحتفى بهم، وأتمنى أن يحظى علماؤنا في مختلف المجالات، خاصة العلمية والعملية، بتكريم يسلط الضوء ‏على إنجازاتهم، ويحفز الجيل الناشئ على المشاركة والاهتمام بالعلوم والبحوث، التي تبني الدول وتعزز مكانتها العلمية في مختلف المجالات. ‏يجب أن يكون هؤلاء العلماء هم قدوة أجيالنا القادمة، وفي هذا التكريم رسالة مهمة. ‏مع احترامي للجميع، لكن أتمنى ألا نصل إلى مرحلة يكون فيها القدوة الوحيدة للجيل الناشئ هم مشاهير السوشيال ميديا.

@almaiahmad