حملات المقاطعة تؤلم تركيا وقطر

محاولات الدوحة رد الجميل لا تكفي لوقف الانهيار المتواصل في أنقرة
محاولات الدوحة رد الجميل لا تكفي لوقف الانهيار المتواصل في أنقرة

الأربعاء - 28 أكتوبر 2020

Wed - 28 Oct 2020

توقع محلل سياسي أمريكي أن تزداد العزلة حول قطر وتركيا خلال 2021، مشيرا إلى أن حملة المقاطعة التي تشنها عدد من الدول العربية على إردوغان ستؤدي إلى نتائج مؤلمة على اقتصاد بلاده، مثلما يتجرع القطريون الألم من مقاطعة السعودية ومصر والإمارات والبحرين، بعد تورط نظام الدوحة في دعم الإرهاب.

وقال مراقب الشؤون التركي ديفيد ليبيسكا في صحيفة «ذا ناشيونال» الإماراتية «بصرف النظر عمن يفوز بالرئاسة الأمريكية، تبدو واشنطن جاهزة في العام المقبل لمواصلة تشددها تجاه تركيا بسبب موافقها من تنظيم الإخوان الإرهابي.

وكشف رئيس اتحاد المقاولين الأتراك الأسبوع الماضي أنهم خسروا 3 مليارات دولار في الشرق الأوسط بسبب حملة المقاطعة، ويتطلع بائعا الأزياء مانغو وزارا إلى نقل الإنتاج خارج ليبيا، لأن المواطنين السعوديين والخليجيين يرفضون شراء ملابس مصنوعة في تركيا. أما في الأسواق السعودية فيبرز المزيد من السلع العالمية بالتوازي مع اختفاء السلع التركية.. وفقا لموقع (24) الإماراتي.

الضحك المؤلم

حاول نائب رئيس حزب العدالة والتنمية نعمان كورتولموش التخفيف من وطأة المقاطعة السعودية شبه الرسمية المفروضة على الواردات والاستثمارات التركية فقال «نحن نضحك وحسب على بعض مقاطعات الدول ونمضي قدما». لكن ليبيسكا علق على كلام كورتولموش كاتبا «لا بد أن الضحك في أنقرة يزداد توترا هذه الأيام، بما أن المقاطعة تشمل دولا أبعد بكثير من المملكة، وبدأت تؤلم تركيا في أسوأ وقت ممكن».

وصادق مسؤولون في الرباط في بداية الشهر الحالي على تعديل قانون التجارة الحرة بين المغرب وتركيا، والذي رفع الرسوم حتى 90% على 1200 سلعة تركية. في هذه الأثناء، أطلق الأرمن في أرمينيا والشتات حملتهم الخاصة لمقاطعة البضائع التركية ردا على دعمها أذربيجان في جنوب القوقاز.

انهيار الاقتصاد

ويرى ليبيسكا أن جميع الخطوات الحالية لا تخدم الاقتصاد التركي المتعثر، ويقول «انخفض عدد الوافدين الأجانب إلى تركيا بنحو 75% في الأشهر الثمانية الأولى من السنة الحالية» ويدلل على ذلك بكلام الاقتصادي ومالك أحد الفنادق على الشاطئ الإيجي إمري ديليفلي، الذي قال إن عائدات منتجعه بلغت 30% فقط من عائدات السنة الماضية.

وكشفت تركيا منذ أقل من أسبوعين عن حزمة إنقاذ بقيمة 10 مليارات ليرة تركية للقطاع السياحي، لكن ديليفلي يتحدث عن أن نسبة الفوائد على القروض والتي بلغت 14.5% مرتفعة جدا كي تقدم الحزمة الكثير من المساعدة. وبلغت الليرة التركية أسوأ مستوى لها منذ أكثر من عشرين عاما، فأصبحت تتدنى إلى مستويات قياسية بشكل اعتيادي. ومع ارتفاع إصابات كورونا مجددا، يصبح منطقيا توقع الاقتصاديين انكماش الاقتصاد التركي بنسبة 3.4% هذه السنة.

رد الجميل

ومع انهيار الاقتصاد التركي، يظهر الدور القطري في رد الجميل ومحاولات الإنقاذ، في ظل التحالف الأخير بين البلدين بعد المقاطعة الرباعية للدوحة.

زار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان قطر منذ أسبوعين بعدما أعلن مسؤول قطري تعزيزا وشيكا للتعاون الثنائي، وفي وقت سابق من هذا الشهر، نقل صحفي تركي موال للسلطة التركية قول الأمير القطري إنه ينظر إلى إردوغان كأب يدين له بولاء لا نهاية له. وأعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن «كلتا الدولتين تعمل كقلب واحد وقبضة واحدة في التعاون والتنسيق الوثيق في المسائل الإقليمية».

ويشرح ليبيسكا أن هذا التعاون يعود إلى سنة 2017 حين قاطعت غالبية دول الخليج ومصر قطر، وتدخلت تركيا سريعا لتوفير الإمدادات والدعم العسكري. منذ ذلك الحين، ترد الدوحة الجميل. عندما واجهت تركيا تباطؤا اقتصاديا حادا سنة 2018، سرعت قطر مقايضة نقدية بقيمة 3 مليارات دولار وأطلقت استثمارا بقيمة 15 مليار دولار. والقاعدة العسكرية التركية في قطر هي واحدة من المسائل الضاغطة في المنطقة.

مواجهة النفوذ

ويشير التقرير إلى تراجع النفوذ التركي، ويقول: «في شمال شرق سوريا، شن الثوار المدعومون من تركيا سلسلة هجمات ضد مواقع كردية الأسبوع الفائت، وفي ليبيا حيث تدعم تركيا وقطر حكومة الوفاق في طرابلس، شكك إردوغان في صدقية وقف إطلاق النار الذي تم الاتفاق عليه أخيرا، مما يعني أنه من المتوقع استمرار الحرب الأهلية هناك لبعض الوقت، وسعى حلفاء السودان في الخليج إلى مواجهة أي نفوذ تركي في البلاد، وقرار الخرطوم الأخير تطبيع العلاقات مع إسرائيل يبرهن نجاح هذه الجهود.

ضربة جديدة

وأشار المحلل الأمريكي إلى أن صادرات الأسلحة التركية تلقت ضربة هذه السنة منخفضة بأكثر من 26% حتى أغسطس الماضي نتيجة الحظر الذي فرضته الدول الأوروبية.

وتخيم الشكوك على موقع تركيا كشار لمقاتلات إف-35 وكدولة أساسية في سلسلة تصنيعها بسبب شرائها صواريخ أس-400 الروسية. وبصرف النظر عمن يفوز بالرئاسة الأمريكية، تبدو واشنطن جاهزة في 2021 لمواصلة تشددها تجاه تركيا، علاوة على شرائها أسلحة روسية وتحركاتها العدوانية في شرق المتوسط.

ومع اقتراب 2020 من أسابيعه الأخيرة، يبدو التحالف التركي-القطري متوجها إلى مزيد من التوطيد، لكن ذلك يعني بحسب ليبيسكا مزيدا من العزلة لكلتا الدولتين وعلى الأرجح إعطاء خصومهما الضحكة الأخيرة.