الاقتصاد الإيراني على حافة الإفلاس

معهد وارسو البولندي: تحليلات كوارثية تتجه بالمؤشر المالي نحو الخطر تصريحات عشوائية وبيانات متناقضة تعمق الأزمة وتزيد من الضبابية الضربات الموجعة لا تمنع الملالي من المشروع النووي وصناعة الموت الموجة الرابعة من العقوبات الأمريكية الأكثر تأثيرا على حكومة روحاني
معهد وارسو البولندي: تحليلات كوارثية تتجه بالمؤشر المالي نحو الخطر تصريحات عشوائية وبيانات متناقضة تعمق الأزمة وتزيد من الضبابية الضربات الموجعة لا تمنع الملالي من المشروع النووي وصناعة الموت الموجة الرابعة من العقوبات الأمريكية الأكثر تأثيرا على حكومة روحاني

الاحد - 27 سبتمبر 2020

Sun - 27 Sep 2020








إيرانيون يحتجون على ظروفهم المعيشية                                                               (مكة)
إيرانيون يحتجون على ظروفهم المعيشية (مكة)
توقع تقرير صادر عن معهد وارسو البولندي أن يواجه الاقتصادي الإيراني صعوبات كبيرة في العامين المقبلين تجعله على حافة الإفلاس، في ظل القرارات العشوائية والتصريحات المتناقضة لنظام الملالي الذي يوسع دائرة الفساد داخليا، ويصدر الإرهاب والقتل والخراب للخارج.

ورغم التحليلات الكوارثية التي يذهب إليها الاقتصاد الإيراني، إلا أن التقرير البولندي يؤكد أن الفقر المتزايد للشعب الإيراني، والبطالة التي تتزايد يوما وراء الآخر، والعراقيل التي تواجه المستثمرين والقطاع الخاص، لن تمنع حكومة الملالي من المضي قدما في المشروع النووي، واستمرار الاستفزازات لدول الجوار، وصناعة الموت مع الميليشيات الإرهابية المسلحة الموالية لطهران.

عشوائية وتناقضات

تختلف الإحصائيات الخاصة بإيران حسب مصدرها، فهناك عشوائية كبيرة في تصريحات المسؤولين وتناقضات لا حصر لها، مما يؤدي إلى اختلافات في حسابات المؤشرات الاقتصادية، علاوة على أن خضوع طهران للعقوبات يجعلها أكثر عرضة للتقلبات الاقتصادية، وبالتالي يتم استخدام آليات الالتفاف التي تشوه البيانات الإحصائية مثل صادرات النفط، وعند مناقشة اقتصاد إيران، من المهم للغاية أن يتم التعامل مع أي أرقام تتعلق بإيران، خاصة على نطاق واسع، بحذر متزايد.

لم تكن الصورة الاقتصادية لإيران في عامي 2018 و2019 جيدة، على الرغم من أنها لم تكن على شفا كارثة أو إفلاس، كان الاقتصاد في حالة ركود وأزمة معتدلة، وأظهرت بيانات البنك المركزي الإيراني للعام السابق أن جميع المكونات الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي على جانب الإنفاق تتقلص، مما يشير بوضوح إلى ركود متعدد القطاعات.

ومع الصدمة التي سببتها حملة «الضغط الأقصى» الأمريكية، تباطأ نمو الأسعار في قطاع الإسكان على الرغم من ارتفاع أسعار مواد البناء.

تأثير العقوبات

أدت العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية عام 2012 والعقوبات أحادية الجانب عام 2018 إلى تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني والحياة العامة في طهران، وتزايد مؤشر التضخم بشكل منهجي منذ عام 2008، وساهمت عمليات الحظر الفردية في تعزيز هذا الاتجاه، وبعد فترة جيدة نسبيا من 2014-2018، ارتفع مؤشر أسعار المستهلك، وانخفضت المدخرات إلى ما دون مستويات الاستثمار، وحاول النظام الإيراني الحفاظ على الوضع في السوق المحلية، وساهمت الصفقة النووية في 2016 والمكاسب التي حصلت عليها طهران في انتعاشة موقتة، لكن سرعان ما بدأت طهران في استخدام احتياطياتها للتعامل مع الأزمة وإبقاء سوق العملات تحت السيطرة.

وأدت العقوبات إلى تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي والتضخم، وظهر الأثر السلبي لحظر عام 2012. ويمكن ملاحظة أنه بعد فترة قصيرة نسبيا من الركود، بدأ الاقتصاد في العودة إلى طبيعته وإظهار علامات الانتعاش مع الصفقة النووية، وانخفض معدل التضخم إلى 25% في فبراير 2020، وهو تحسن كبير مقارنة بالذروة 52.1% في مايو 2019، وتأثر الاقتصاد بالعقوبات اللاحقة.

تزايد البطالة

ارتفعت البطالة منذ 2013، مع انقطاع طفيف في عام 2017 بعد الانتعاش بسبب خطة العمل الشاملة المشتركة، وبدءا من عام 2017، يمكن ملاحظة تسارع كبير في نمو البطالة، واستمر الاتجاه السلبي بغض النظر عن التغيرات في معدل التضخم ونمو الناتج المحلي الإجمالي، وارتبط الأمر بمعدل ارتفاع المواليد، حيث يزداد عدد سكان إيران تقريبا 900 ألف شخص كل عام.

وفي عام 2020، دخل 800 ألف شخص إلى سوق العمل، وبات الاقتصاد الإيراني بسبب العقوبات والأخطاء الإدارية غير قادر على خلق وظائف كافية.

أخطر ظاهرة من وجهة نظر طهران هي الزيادة السريعة وطويلة الأجل في الدين العام، فالاتجاه الذي بدأ في 2014 يكتسب زخما كل عام، وعلى المدى الطويل قد يصبح تحديا خطيرا، ولا سيما مع مراعاة الوضع الوبائي. وكان للعقوبات المرتبطة بالوباء تأثير سلبي للغاية على مالية الدولة، مما أجبر الحكومة على زيادة الإيرادات الضريبية، فضلا عن الخصخصة وإصدار السندات مما يساهم في تسريع الاتجاه التصاعدي للدين العام.

زيادة الأزمة

عمقت أزمة فيروس كورونا المستجد من الأزمة الاقتصادية التي تعيشها إيران، وتأثر قطاعا الصناعة والزراعة في طهران بشكل لافت، وبلغت القيمة الإجمالية لجميع حزم المساعدات المخطط لها حاليا ما يقرب من 7% إلى 10% من الميزانية الإيرانية، وهو مبلغ لا يمكن أن يعرقل بلدا لديه احتياطيات كبيرة من النقد الأجنبي.

وبلغ الدعم المالي الذي وعدت به الحكومة للمواطنين حوالي 0.5% -1% من الناتج المحلي الإجمالي، وبات واضحا أن إدارة روحاني بتوجيه من المرشد الأعلى ستلجأ إلى زيادة المداخيل الضريبية من الشعب، ولا يبدو أن هناك فرصا للخروج من أزمة الموازنة بنهاية عام 2022.

الموجة الرابعة

ويؤكد التقرير أن الموجة الرابعة من العقوبات الأمريكية هي الأكثر تأثيرا على إيران، ويقول «كادت الصفقة النووية أن تساهم في تعافي الاقتصاد الإيراني في ظل المكاسب التي حصلت عليها، ففي 16 يناير 2016، تم رفع العقوبات الأوروبية والأمريكية، وتجاوز الاقتصاد الإيراني بشكل موقت الركود التضخمي، ونما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12.3%، ولكن الازدهار لم يدم طويلا، ففي 8 مايو 2018، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أن الولايات المتحدة ستنسحب من الصفقة، وفي نوفمبر 2018 دخلت الموجة الرابعة من العقوبات الأمريكية ضد إيران حيز التنفيذ، بما في ذلك وإلى حد كبير القيود التي كانت سارية قبل خطة العمل الشاملة المشتركة».

ويضيف «في أواخر أبريل 2019، شددت واشنطن العقوبات بشكل كبير، وفرضت قيودا تركز على المزيد من المحاولات للحد من صادرات النفط الإيرانية والاستبعاد الكامل للبنوك الإيرانية من النظام العالمي، وعلى الرغم من إعادة الاقتصاد الإيراني إلى الركود التضخمي، لم يتم تحقيق أي من أهداف العقوبات، وتمكن الاقتصاد من النجاة من صدمة العقوبات، بل بدأ في إظهار اتجاه تصاعدي، ولكن جائحة COVID-19 كانت الضربة الحقيقية لطهران لتعمق الأزمة وتعيد المؤشر في الاتجاه الأحمر».

عجز الموازنة

بنى النظام الإيراني موازنة 2020 /2021 على قواعد واهية وغير حقيقية، بعد انخفاض أسعار النفط وتراجع الصادرات، واعتمد على افتراضات متفائلة، وافترض زيادة إيرادات الخصخصة عشرة أضعاف، وزيادة الإيرادات الضريبية بنحو 13% مقارنة بعام 2019 /2020.

ومن المرجح أن تؤدي الزيادة المتوقعة في عجز الموازنة، خاصة في ظل جائحة كوفيد -19 وما نتج عنها من تراجع في الاهتمام بالصادرات الإيرانية، إلى مزيد من إصدار الديون واستخدام الأموال من صندوق الاحتياطي الوطني، خاصة بالنظر إلى ذلك بالفعل.

وفي العام الماضي، أنهت إيران عجزا بنحو 37 مليار دولار أمريكي (حوالي 13%)، بما يعادل 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وزاد العجز بشكل كبير مقارنة بالخطة الأصلية، حيث انخفضت الإيرادات غير الضريبية وأظهرت الإيرادات من بيع الأصول الرأسمالية (بشكل أساسي الإيرادات من صادرات النفط) في أبريل ونوفمبر 2019، حتى قبل بدء تفشي المرض، 18% فقط من الخطط المدرجة في ميزانية العام الماضي، ومن المحتمل أن يحدث وضع مماثل في 2020 /2021.

تراجع الاقتصاد الإيراني في آخر عامين:


  • 6 % نسبة انخفاض الاستهلاك الخاص والحكومي في 2019



  • 2.6 % انخفاض الاستثمارات داخل البلاد



  • 32.6 % نسبة انخفاض الصادرات والواردات



  • 13 % عجز في الميزانية






الأكثر قراءة