عبدالحليم البراك

ثلاثة أفكار في مقالة واحدة!

الاثنين - 31 أغسطس 2020

Mon - 31 Aug 2020

هذا الأسبوع حافل جدا، ولا يسعه مقال واحد، ولا يسع الكاتب أن يفوت هذه الأفكار فتموت الفكرة بمجرد ذهاب الحدث، لذلك جاءت هذه الأفكار غير مرتبة، وقصيرة لكنها مؤثرة - على الأقل - في بال كاتبها:

الأولى: بمجرد أن تنسى أن تزرر إحدى أزارير ثوبك، فإنك ستجد عشرة أشخاص قبل أن تصل لمقر عملك ينبهونك على هذا الخطأ العابر، هذا على المستوى البسيط الساذج، أما على المستوى الأكثر عمقا، فلو ارتكبت خطأ سلوكيا أو فكريا، فإنك ستجد عشرات الأشخاص الذين سينذرون أنفسهم للدفاع عن الفضيلة، والهجوم عليك، ولن يكون لدى أحدهم أي شعور بأنك ربما لديك سوء فهم أو خطأ، وستبقى وكأنك اقترفت الجريمة الكبرى على مشهد من كل البشر، بينما لو قمت بعمل خيري لطيف كل يوم، فإنك لن تجد من يثني عليك، وربما تحصل على هذا الثناء البخيل مرة كل عام، أو كل عامين! فردود الأفعال في الأشياء السلبية سريعة، وردود الثناء على الأفعال الجميلة بطيئة؛ وتحتاج لوقت طويل حتى يلحظوا ذلك، حتى يتجاسروا على أنفسهم ليمدحوك ويثنوا عليك، ووقت طويل آخر ليتحدثوا بهذه الفضيلة عنك عند آخرين! لذلك إن أثنى عليك إنسان واحد، فاعلم أن عشرة يثنون عليك لكن لم تنطق ألسنتهم، وإن نال منك بسوء عشرة أشخاص فثق أن واحدا منهم فهمك حق الفهم، أما الآخرون فهم استعجلوا في قرارهم في الإساءة إليك!

الثانية: برر أحد «اليوتيوبرين» العلميين اللبنانيين اختفاء مادته العلمية الأسبوعية عن تويتر، بسبب الأحداث التي عاشتها بيروت إبان حادثة المرفأ، وكتب في حسابه: (أنه مذهول ولا يعرف متى سيعود أو هل سيعود أصلا أم لا، فالحدث صار أكبر من العلم والكلام!) صدمة الناس في بيروت ليست على التفجير، فبيروت من السبعينات لم تهدأ، لكن هذه المرة الصدمة ضربت ثقة الإنسان في الإنسان، وهي تشبه صدمة الوجوديين في الحياة الأوروبية بعد الحرب العالمية الأولى ثم الثانية، عندما كان الرجل الأوروبي يتقدم علميا ليدمر نفسه بنفسه، شك اللبناني في الإنسان أولا، فلم يعد ينظر للطائفة الصادقة والكاذبة، ولم يعد ينظر للمنفذ أو المتواطئ أو الصامت أو حتى المدين أو المدان، بل صارت لديه أزمة ثقة في أي إنسان يعمل في منصب، ولعل أصعب ما يمكن أن يمر به الإنسان هو أزمته مع نفسه، حتى تلك العزاءات التي نقدمها لأصدقائنا اللبنانيين يتم الرد عليها بذهول منقطع النظير، (فلا أحد مؤيد لأحد في بيروت الآن!)

الثالثة: بمجرد ما تحول التعليم في الفصل الدراسي الفيزيقي إلى الفصل الدراسي الافتراضي، حتى صار الناس في صدمة وإليكم الصدمات:

الأولى من لديه سبعة أولاد في بيت صغير، كيف سيؤمن لكل واحد منهم غرفة واحدة هادئة لينصت الطفل إلى الدرس، أما الثانية فهي: كيف يمكن للأم في المنزل أن تضبط أربعة أطفال في حضور دروسهم في أماكن مختلفة من البيت! بينما الصدمة الثالثة: أزمة تكنولوجيا، فمن بيت يفتقر للحاسب المحمول والجهاز اللوحي ويكتفي بالهاتف الذكي في يد كل طفل، إلى سوق محمومة على الأجهزة الالكترونية، الرابعة: من ميزانية لا تتجاوز مئتي ريال للطفل تشمل كل شيء تقريبا من حقيبة وأقلام وأوراق ودفاتر؛ إلى ميزانية لا تقل عن ألفي ريال للطفل تشمل حاسبا واشتراك إنترنت وخبير دعم فني!

الصدمة الخامسة: هل يأخذ الأب إجازة ليساعد الأم؟ ماذا عن الأم والأب العاملين، هل يجب أن يضحي أحدهم بعمله من أجل أطفاله؟ الإجابة لدى وزارة التعليم التي يجب أن تتحدث عن الاستراتيجيات قبل الحديث عن بداية الفصل الدراسي!

Halemalbaarrak@