محمد الأحمدي

سياسة الباب المغلق في الفضاء المفتوح

الثلاثاء - 25 أغسطس 2020

Tue - 25 Aug 2020

تشير ببساطة سياسة الباب المفتوح للدلالة على الانفتاح الفكري التطويري، والمرونة في تقبل النقد البناء، ودعوة للشفافية في التعاملات، وربما كتغذية راجعة للمسؤول عن الممارسات التي تقع تحت مظلته.

يعتمد مبدأ هذه الفكرة على مشاركة المستفيد من الخدمة في تطوير الممارسات، وتوجيه التخطيط لها. وكذلك عين للمسؤول تكشف عن التحديات، وتقترح الحلول من واقع معاش يتناسب مع الواقع الطبيعي للمنتج النهائي الذي يلمسه المستفيد.

في الواقع منذ وصولي لبلد الابتعاث لم أجد سياسة الباب المفتوح بهويتها ومفهومها العربي شائعة. وإنما تتحقق هذه السياسة بصورة مختلفة أكثر انفتاحا ونفعا من الزيارة المكتبية التي تتسم بالفردية. فبالرغم من سياسة الموعد المحدد لمناقشة الأفكار بشكل مقصود وموجز على لجنة تتعلق بذات المقترح متاحة.

ثم يصلك عبر بريدك الالكتروني ما يفيد بشأن ما تم مناقشته وما آلت إليه النتائج أيا كانت مذيلة بالشكر والتقدير.

بعد أن قرر المشرف الأكاديمي الذي يعمل عميدا لكليات العلوم الاجتماعية والدراسات الدولية بجامعة إكستر مقابلتي في لقاءاتي الشهرية في مكتبه بمبنى الرئيس التنفيذي للجامعة، وتزويدي برقم الدخول للباب الالكتروني في موعدي، توقعت بأني سأجد قائمة من مرتادي الباب المفتوح يتحلقون حول سكرتير لا أكاد أراه منهم، لكن في حقيقة الأمر لم أجد سوى مكاتب مليئة بأجهزة العرض، وأعضاء يتحلقون في مجموعات لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، ونقاشات معظمها مسجلة طالما استمعت لها عند انتظاري لمشرفي الذي يكون عادة ضمن تلك الفرق.

هذا الباب المغلق في هيئته ما هو إلا نافذة محدودة التأثير في إيصال الرأي التطويري لأولئك المخططين. ويعتقدون أن من يرغب تحسين الممارسات قد لا يأتي إليهم. فبمجرد اصطدامه بالمعوق فإن مغادرته للمؤسسة مؤكدة أكثر من بحثه عن مكان يقدم فيه ما يحسنها.

ومن هنا فإن عالم الفضاء المفتوح الذي تتسلل منه الألياف البصرية حاملة معها ترددات الشبكة العنكبوتية هي الفضاء المفتوح الذي لا يملك زمام إغلاقه أحد ممن يرغب التطوير.

كما أنها تتسع للجميع في وقت واحد. فقد أصبح الباب يتسع للعالم أجمع من شرقه إلى غربه، وليس العجز في تلقي التحديات ومعرفة المعوقات من المستفيدين بشكل مباشر، ولا الحاجة للزيارة الميدانية لمعاينة الأداء.

فعلى الرغم من انبثاقها من الفكر التفتيشي القائم على المحاسبة، وضعف تقديمها للأفكار والاستدامة التطويرية، وتغليف الزيارات بالتحسينات فإن التقنية كفيلة بتقديم ذلك بشكل لحظي أتوماتيكي، وبكفاءة عالية عند تفعيل المنظومة الالكترونية المتعلقة بجميع جوانب المؤسسات.

فبالمثالين التاليين يتضح جزء من الفكرة. الفرد الواحد ذو المهمة المحددة التي يوضحها التوصيف الوظيفي لمهمته، مرتبطة بالأداء اليومي له حيث ترسل التقنية تقرير إنجاز فوري بعد مغادرته منصة العمل.

وكذلك المبنى الخرساني قادر على تنفيذ ذات المهمة عند تزايد المرتادين له، فتزايد ثاني أكسيد الكربون بمحيط المبنى ينذر الأجهزة بتدني مستوى الأكسجين، مما يجعله يفتح النوافذ بشكل تلقائي دون تردد وبدون حاجة تدخل المسؤول.

فمن خلال ما سبق، يتضح بأن انتظار صاحب المقترح الفعال قد لا يزاحم مرتادي الباب المفتوح في عصر التقنية، ففضاؤه أوسع من سعة الباب المحدودة، وفكرته تتضح عبر تلك المنصة لعدم تأثير المكان والزمان والأشخاص عليه.

بهذا المنظور قد لا يكمن التميز التخطيطي في إيجاد الأفكار والمقترحات والتحديات، فسحابة هارون - أمطري أنى شئت - ستأتي بها، بل الاستدامة التطويرية في تحويل الأفكار لممارسات تطويرية مدروسة تؤدي لاستدامة الرضا لدى المستفيد عند تكرار زياراته لذات الخدمة القائم على زوايا المثلث الثلاث الذي يشير للتنبيه عند تعطل مركباتنا بالطريق: حفظ الوقت، قلة الجهد، وتدني التكلفة.

فعند التعامل مع زوايا المثلث الثلاث يتضح أن الباب المفتوح، والزيارات الميدانية التقليدية التي تهدف للتفتيش واكتشاف الخلل مكلفة، ومجهدة، وتتطلب زمنا أطول الجزء منه يكفي لإنتاج الحلول وتحويل التحديات إلى تسهيلات.

alahmadim2010@