معراج الندوي

ويسألونك عن الإنسانية

الاحد - 09 أغسطس 2020

Sun - 09 Aug 2020

ويسألونك عن الإنسانية، قل الإنسانية هي فكرة الحب للإنسان وتقديس حقه، وتجاهد في سبيله، تهتف الإنسانية للإخاء والسلام والحرية والتضامن بين بني البشر.

الإنسانية هي فكرة تقوم على قيمة الإنسان الخلقية والفكرية.

الإنسانية تقوم على الاعتراف بأن الإنسان هو مصدر المعرفة وتطالب باحترام الكرامة الإنسانية وتؤمن لرفعة الإنسان وحبه لأخيه الإنسان.

إن الإنسانية محور اهتمامها الإنسان بما هو إنسان، لقد خلق الله الإنسان قبل الأديان، وإن أخوة الإنسان أقوى من أخوة الأديان، الأخوة الإنسانية هي الخطوة التي تخطي حدودنا الزمانية والمكانية، تريد الإنسانية أن تعيد للبشرية اتزانها وإيمانها القيم الإنسانية، ولم تئن قط عن السعي الدائب في سبيل تحقيق سعادة الإنسان.

يشهد العالم اليوم أزمة صحية عالمية لم يتمكن حتى اللحظة من التعامل معها بفاعلية كافية، وليس هناك شكوك في خطورتها التي أودت حتى اللحظة بحياة آلاف البشر، ظهر فيروس كورونا بقوة لم يشهده العالم من قبل وبدأ ينتشر إلى العالم وأخذ كل البشرية على حصاده.

يذكر فيروس كورونا بأن البشر كلهم من جنس واحد، إذ وضع أمامهم حقيقة ناصعة بأن مصيرهم واحد، يذكر كورونا في أول مرة في التاريخ بأن جميع السكان على كوكب الأرض مصيرهم مشترك، ولم تكن البشرية في مركب واحد طوال تاريخه كما هي الآن، وأن كفاحه في سبيل البقاء مشروط بالتعاون والتضامن.

واليوم الإنسان يقف عاجزا عن الإتيان بالماضي مرة أخرى، كما يعجز عن الإتيان بالمستقبل. ولا يمكن للإنسان أن يعيد الزمن إلى الوراء مرة أخرى. إن هذا الوباء على قساوته وخطورته، يشكل محكا لمراجعة الذات والوقوف على الاختلالات ومحاولة تجاوزها بسبل علمية وعقلانية في المستقبل.

لقد كشف فيروس كورونا عن كثير من قيم التضامن الإنسانية التي تنادت لها مختلف الفعاليات المجتمعية في القارات الخمس في سبيل مواجهة الفيروس القاتل بعيدا عن الاختلافات السياسية والدينية والثقافية حتى بدأ العالم رحما واحدة موصولة.

لقد أزعج فيروس كورونا العالم وأذهله في مواجهته واحتوائه والسيطرة عليه منذ أربعة شهور من ظهوره وانتشاره، ولم يتوقف خطره على الإنسانية حتى اليوم، بل تزايد يوما فيوما وتقطف حصاده من النفوس الإنسانية كأنه يقول: هل من مزيد.

إن فيروس كورونا يعيد إلى أذهاننا ضعف الإنسان وحالاته، وذلك بغض النظر عن إن كنتم تنتجون الأسلحة الكبيرة والمدافع والصواريخ والأسلحة النووية والأقمار الصناعية وتصلون لطريقة لتنفيذ هجماتكم عبر الفضاء وتنفقون موارد الأرض كلها من أجل الدفاع عنكم من الإنسان مثلكم ولكنكم عاجزون أمام هذا الخطر الذي يهدد الإنسانية كلها اليوم.

ومع تحول فيروس كورونا إلى وباء عالمي، يحتاج إلى تماسك الجميع لمواجهته، فإنه في الوقت ذاته فرض على الإنسانية إعادة رسم حدودها والتشدد في مراقبتها، سهلت ثورة التكنولوجيا كثيرا حياة البشر خصوصا في مجال التواصل الاجتماعي والتبادل الفكري، ولكنها لم تجعل أكثر أمانا من الناحية الصحية، وأبرز مثال ذلك أن فيروس كورونا المستجد يبرهن على شيء جديد في الوقت الذي يناقش فيه العالم كيف ستغير التكنولوجيا المتطورة والذكاء الصناعي مصير الجنس البشري في عالم المستقبل.

لا شك أن الإنسانية ستتغلب على فيروس كورونا وتهزمه يوما، والإنسان اكتشف أصعب طرق الحياة والعيش حتى يومنا هذا، وهو ما سيفعله كذلك في المستقبل، ولكن ماذا سيكون الوباء التالي؟ هل تنفعكم القواعد السرية والتجارب الغامضة؟

هل تنفعكم الدبابات والمدافع والصواريخ والأسلحة النووية في مكافحة وباء كورونا؟ وماذا تفعلون لإنقاذ البشرية من هذا الخطر؟ هل تؤمنون بالإنسانية؟

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال