أحمد محمد الألمعي

خواطر نفسية في زمن كورونا

السبت - 11 يوليو 2020

Sat - 11 Jul 2020

أثبتت الأبحاث العلمية التي صدرت أخيرا وجود آثار نفسية كبيرة نتيجة تزايد أخطار فيروس كورونا، فكلما ازداد خطر المرض ازدادت المعاناة من الضغط النفسي والهلع واضرابات النوم ومجموعات عديدة من الاضطرابات النفسية الأخرى.

وهناك شريحة من الناس الأكثر عرضة وقابلية للمرض سوف يسبب لهم هذا التوتر الشديد اضطرابات عدم التكيف مع الصدمة الناتجة عن تهديد هذا المرض القاتل، وقد يزيد ذلك من الأفكار السلبية والانتحارية عند البعض، خاصة الذين يعانون من الاكتئاب والقلق الشديدين.

بالنسبة لمرض فيروس كورونا، الكل الآن يعرف العواقب الكارثية لهذا المرض، والتي تؤثر في شتى النواحي الحياتية، الاجتماعية والمادية والمهنية وكذلك في العلاقات الاجتماعية. وأنبه إلى أنه في هذه الظروف الحرجة قد يستهين بعض الأطباء أو المختصين بالمصابين بالأمراض النفسية الذين يراجعون المستشفيات، وقد يتم عمل خروج لهم من المستشفيات في عجلة، باعتبار أنهم يعانون فقط من توتر واكتئاب بسيط، وتفسر شكواهم على أنها ردة فعل متوقعة ونتيجة طبيعية للخوف من مرض كورونا أو بهدف توفير المكان لمن يعانون من أعراض وأمراض جسدية.

وأنا كطبيب نفسي أحذر من عواقب هذه القرارات لأن الطبيب في الطوارئ أو العيادة المزدحمة قد يقرر ذلك بحسن نية، في حين قد يكون هذا المريض في تلك اللحظات في طريقه للانتحار أو إيذاء نفسه أو إيذاء الآخرين لأنه لم يجد أذنا صاغية أو العناية الصحيحة، لهذا ننصح أطباء الطوارئ العموميين باستشارة الطبيب النفسي المناوب قبل إرسال ذلك المريض إلى خارج المستشفى.

نحن نعرف أن إعطاء المريض النفسي وصفة دواء الاكتئاب أو حبوب القلق فقط لا يكفي، وقد يأخذ بعض الوقت ليبدأ مفعوله العلاجي، ناهيك عن احتمال ظهور أعراض جانبية قد تكون غير معروفة لدى الطبيب العام أو طبيب الطوارئ، فقد يحتاج المريض إلى تقييم كامل وثم العلاج المناسب من دواء وإرشاد نفسي ومتابعة. يجب علينا في هذا السياق ونحن في سعينا لمحاربة مرض كورونا أن لا نؤذي مريضا آخر.

هل هناك حلول؟

إن التدريب والتخطيط السليم للكوارث وبما في ذلك جائحة كورونا قبل حصولها والاستعداد لها، يمكناننا من تجنب تفاقم هذه الكوارث.

التجمعات المطلوبة عادة في الكوارث بهدف تجنب الأخطار ونشر المعلومات والإرشادات لا يمكن تطبيقها في زمن الأوبئة، فهذا التوجه غير مسموح به أثناء جائحة كورونا الفتاك الذي ينتقل وسط الزحام.

هذا التوجه الاستراتيجي الجديد يضر كثيرا بالمرضى النفسيين والمدمنين على حد سواء، لأن هؤلاء يعتمدون في علاجهم على التلاحم الأسري والدعم المجتمعي.

إن التباعد الاجتماعي الذي ننصح به من أجل الوقاية من مرض كورونا قد يؤدي إلى انتكاسات في بعض الأمراض النفسية، وبالأخص في حالات الشعور بالفقد أو الخوف من فقدان الوظيفة.

في هذه الظروف الاستثنائية وجود جمعيات الدعم النفسي التي توفر مواد دعم وإرشاد عن طريق الانترنت أو وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى مهم جدا. ما توفره وزارة الصحة مشكورة من إرشادات أثناء الحملات الإعلامية الجبارة له الأثر الكبير.

ليس هذا هو الوضع المثالي لتقديم الدعم لكنه يساعد كثيرا في ظل هذه الظروف.

الخوف هنا على كبار السن وسكان الأرياف الذين لا يمتلكون وسائل التواصل الالكترونية وهم أكثر شريحة معرضة للأمراض النفسية وللإصابة بفيروس كورونا. وقانا الله وإياكم من كل شر.

@AlmaiAhmad