طلال الحربي

هيئة حقوق الإنسان واللغة العالمية

الخميس - 09 يوليو 2020

Thu - 09 Jul 2020

لا شك أن ملف حقوق الإنسان في كل دولة من دول العالم يأخذ حيزا كبيرا جدا في تقييم الدولة وإبراز مكانتها على مستوى خريطة العالم، سياسيا ومجتمعيا وسياحيا وتجاريا واستثماريا.

ودائما ما تكون عوامل التقييم مبنية على أسس الالتزام بقواعد وأنظمة حقوق الإنسان المتعارف والمتفق عليها عالميا، وهي الأسس التي تقدم وتبرز أهمية ومكانة الدولة، خاصة من بعد الحرب العالمية الثانية وما واجهته شعوب الأرض من دمار وسفك دماء، ومن بعد ذلك الانفتاح التجاري واللغة الاستثمارية عابرة القارات، هذا كله أدى إلى أهمية ملف حقوق الإنسان حماية لمفهوم الإنسانية نفسها.

في المملكة لا يمكن أن ننكر أو نتجاهل أننا منذ عقود عدة واجهنا مشكلة في الإعلام الدولي في ملف حقوق الإنسان لدينا، ليس الأمر في مخالفة ما اتفقت عليه شعوب العالم من تعريف وتقنين لأسس حقوق الإنسان، وإنما في كيفية إيصال حقيقة تطبيقنا لحقوق الإنسان، ولكن من مصادر التشريع الإسلامي في ديننا الحنيف، اختلاف في المسميات وضعف في إيصال الحقيقة بصورتها الفعلية، وهذا ما جعل عددا من الدول والمنظمات تستغل هذا الخلل لدينا، في محاولات لانتقاد المملكة شعبا وقيادة.

يشهد العالم قلاقل وصراعات نحن طرف رئيسي فيها شئنا أم أبينا، وبالتالي أصبح لزاما علينا المواجهة مع ملف الحقوق الإنسان، وإظهار حقيقة موقف المملكة منه لكل شعوب ودول ومنظمات العالم.

ومنذ تولي سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بحمله الأمانة، وإطلاق رؤية المملكة 2030 بقيادة سيدي ولي العهد الأمين يحفظهما الله، أصبحت لدينا مساحة كاملة لكي نبني ملفا إعلاميا يوضح حقيقة مفاهيم وأسس حقوق الإنسان في المملكة وتطبيقها، وكذلك ما تلقاه من دعم وتأييد من المؤسسات الحكومية والرسمية في المملكة، وكما نحن مقتنعون بحقيقة أننا نطبق حقوق الإنسان انبثاقا مسبقا من ديننا الإسلامي الحنيف.

علينا الاقتناع بضرورة أن نوضح للعالم بلغتهم وبالأسلوب الذي يفهمونه أن تعاليم ديننا الحنيف لا تتعارض أبدا مع حقوق الإنسان المتفق عليها دوليا، دون أن نكون دعاة أو نتحدث بلغة دينية، بل بلغة منطقية عقلية توازن بين ما فرضه علينا شرعنا في كفالة اليتيم مثلا وبين ما أطرته تنظيمات حقوق الإنسان العالمية في كيفية رعاية ومعاملة الأيتام.

منذ تولي الدكتور عواد العواد رئاسة الهيئة أصبحت لدينا قناعة أن الملف الإعلامي للهيئة سيشهد تطورا ملحوظا، سواء على المستويين الداخلي أو الخارجي، وأن اللغة العالمية لهيئة حقوق الإنسان السعودية ستبدأ بالعمل والدفاع عن المملكة والمواجهة، سواء ضد المتصيدين من الأعداء، أو غير المطلعين على حقيقة الأمر من باب الجهل، وهذه خطة وطنية على مستوى عالمي كلنا ثقة بأن عواد العواد يعيها جيدا ويعي أهميتها وهو من هو في الإعلام وفي التعامل بالروح الوطنية والولاء والإخلاص لوطنه الحبيب.

وكوني عضو مجلس ضمن فريق عمل هيئة حقوق الإنسان السعودية، سنضع أمام أعيننا أهدافا إضافية للأهداف الطبيعية لعمل الهيئة، أهدافا تتعلق بإيصال صورة الوطن السعودي إلى كل العالم، وطن الشفافية والعمل والطموح واحترام حقوق الإنسان، كذلك سيكون على سلم أولوياتنا ملف ذوي الإعاقة، وسيكون على شقيه الداخلي من حيث السعي إلى مزيد من الأنظمة التي تعمل على دمجهم في مجتمعهم للعمل وخدمة أنفسهم وخدمة وطنهم، أو على الصعيد الخارجي من حيث تقديم حقيقة مدى اهتمام الدولة السعودية بأبنائها من ذوي الإعاقة وكل أبناء الشعب السعودي.

كذلك سنعمل في الشأن الداخلي الإعلامي أيضا، حتى نوضح ماهية عمل الهيئة ومفاهيمها ودورها الحقيقي، وأن هيئة حقوق الإنسان هي جزء مكمل لأعمال بقية الهيكل المؤسسي للدولة السعودية، فكلما زاد الوعي بدور الهيئة زادت المناعة الوطنية ضد كل ما قد ينشر أو يبث عن المملكة ومنظومة حقوق الإنسان فيها، وهنا سيكون دور أعضاء مجلس الهيئة ورئيسها، لنكون جميعا بإذن الله تعالى يدا واحدة تعمل بروح واحدة لخدمة الوطن والإنسان، وستكون هناك مقالات مقبلة حول أعمال الهيئة ونتائجها.

Alharbit1@