محمد أحمد بابا

تحويل التجربة إلى كتاب في قائمة الأكثر مبيعا

الاثنين - 08 يونيو 2020

Mon - 08 Jun 2020

التحولات منطقية الحدوث وعملية المشاهدة هي مرتع ملاحظة الباحثين عن الحقيقة، والتحويلات المقصودة ببيئات أو بإضافات أو بأفعال منع أو سماح هي آلة المخترعين والمبتكرين والمكتشفين.

ومن يتابع مقاطع مشاهدة أو مسموعة أو مقروءة لبعض متحدثي العالم يجدهم ينقلون بعض تجاربهم بأساليبهم الخاصة، لتكون نصيحة أوعبرة أو مادة محاولات وبحث نحو الأحسن والأفضل.

لذلك فقد يكون تحويل السيرة الذاتية أو بعض منها والمواقف والإنجازات، وربما الفشل والخيبات والإخفاقات، إلى مادة مقروءة وكتب ذات مبيعات أولى في العالم هي صناعة العصر أو رائجة المداولات.

وجدتهم ينقلون ما حدث لهم دونما تدخل من صياغة أدبية أو حبكة درامية أو حتى تدرج أفكار، ووجدتهم يتنقلون بين مكامن خبراتهم بسلاسة طرح وإبهار تعاطٍ دونما تكلف ولا حشو، ووجدتهم كذلك يقتطفون الأهم ويركزون على المهم ويلخصون المقاطع، ثم يقدمون النتيجة فاكهة اكتفاء.

فمن الجميل أن يكون تحويل التجربة إلى كتاب يقرؤه العامة والخاصة والجمهور والناس أيا كانوا هو الشيء الذي يُشغل مادة مواقع التواصل الاجتماعي في هذا الزمن المعني بالصورة والصوت وحرفيات العرض.

ولعل ذلك من أهم أسباب دفع عجلة تكاثر كرة ثلج القراءة نحو التضخم والزيادة والثقل في المعرفة الجمعية والثقافة المجتمعية القائدة للتطور.

وما من جملة أحب إلي من قول أحدهم لي: (اكتب ولا تخش ولا تبالي) فالكتابة المتجردة عن فرائض التنسيق اللغوي المعقد - الذي يعيقني أنا بالذات عن الانفكاك من حبسه - تختلف تماما عن نمطية البحث العلمي المنهجي الذي جعله بعض الكتاب في كتبهم بصمة تقديم ملّها القارئ وأنِف ارتيادها.

الحرية في نقل وتسجيل قصة نجاح، أو حكاية فشل، أو رواية كفاح، أو مسودة تجارب، ونحو ذلك تجعل قراءة الحقائق ممكنة الطرح، محتملة الحدوث، بعدما شاع في عصور تزويق وزخرفة للمثاليات، ليكون كل شيء صحيحا وعلى ما يرام، مع أن النقيض محتمل الوقوع، كما نقيضه كذلك متوقع الاحتمال.

قرأت كتبا لشباب وشابات لم يتخطوا العقد الثالث من أعمارهم فاستفدت فائدة أعياني البحث عنها زمن اقتناء المراجع والكتب الضخمة الدسمة، وقرأت كتبا لمغمورين لا هم بكتاب ولا رواد ثقافة عن تجاربهم الصناعية أو النفسية أو التجارية، بل حتى الخاصة والفكاهية، فخرجت بنواتج معرفة مبهرة ما لقيتها في مجلدات تأليف.

قد يسوقني ذلك لأظن بأن من تأليف الكتب ما هو مقصود لذاته، ومنه ما هو تحول دون قصد بفعل عوامل الزمن والاحتياج، ومنه ما هو تحويل ذكي من عقول كبر أو صغر أصحابها ليكون الأول في شباك المبيعات.

تحويل التجربة إلى كتاب من الصناعات التحويلية الهامة الذهبية في عالم يحتاج أن يقرأ ما يفيد في عفوية ممارسات، وكذلك فالشيء بتحوله لشيء آخر قيمة مضافة هي هم الرواد والمستشارين، وتعدد الفوائد من إفرازات العقول والأفكار سنة طبيعية تعيد حرية التعبير والحصول على المعرفة من مصادرها لنصابها الطبيعي، ليختار العقل البشري ما يصلحه أو يروق له.

albabamohamad@