نور عادل حكيم

الصيام ما بعد رمضان

السبت - 06 يونيو 2020

Sat - 06 Jun 2020

ظهرت في السنوات الأخيرة حمية شائعة تدعى «حمية الصوم المتقطع»، وهي نمط تناول الطعام في دورة متبادلة بين تناول الطعام والامتناع عنه فترة من الوقت، ولها أنواع متعددة، من أشهرها حمية 16/8، وتعني الامتناع 16 ساعة وتقليل فترة تناول الطعام إلى 8 ساعات، وهي تشبه إلى حد كبير صيامنا الإسلامي، حيث أثبتت الدراسات العلمية دور الصيام الفعال في خسارة الوزن الزائد، خاصة الدهون، بحصر استهلاك السعرات الحرارية وتحفيز التمثيل الغذائي (وهي عمليات كيميائية وحيوية داخل الجسم) التي تزيد مستوى هرمون «النوربينفرين» الذي يعمل كناقل عصبي يعزز فقدان الوزن.

ولو حللنا علميا عملية حرق السعرات الغذائية فإن الامتناع كليا أو التقليل من تناول السعرات الحرارية الإجمالية الخاصة يؤدي إلى زيادة فقدان الوزن مع مرور الوقت.

وقد حلل الباحثون عديدا من الأبحاث، وتم استنتاج أن الحمية المتقطعة على مدى 3-13 أسبوعا كانت فعالة في تحفيز فقدان الوزن، بالتقييد المستمر بالسعرات الحرارية وانخفاض وزن الجسم حتى 8%، وانخفاض كتلة الدهون إلى 16%، كما أن الصيام من أكثر الحميات الفعالة لخسارة كتلة الدهون من الجسم، وفي الوقت نفسه تحافظ على الكتلة العضلية.

إن فوائد الصوم لا تنحصر في فقدان الوزن، بل تحسن أيضا من أعراض السمنة، حيث تقلل من نسبة مقاومة الأنسولين، ومن أعراض خطر الإصابة بأمراض القلب، والتي تشمل سمنة منطقة الوسط في الجسم، ارتفاع الضغط، ارتفاع السكر في الدم، ارتفاع نسبة الدهون في الدم والالتهابات، ولكن ما زالت الدراسات قائمة للتأكد من دور الصيام لدى كبار السن، فيما لا ينصح به للحوامل والرضع، أما المصابون بالسكري فلا بد من استشارة الطبيب ومتابعته لمراقبة مستوى السكر في الدم.

دعونا نلق الضوء على ما يحدث في الجسم عند الصيام:

بعد بضع ساعات من الصيام يبدأ جسم الإنسان بحرق الدهون المخزنة لتغطية احتياجه من الطاقة، ويفرز مادة بصورة متزايدة تسمى «كيتون» البديلة للجلوكوز، والتي تتحول إلى طاقة. ومع مفعول الصيام تقل مقاومة الجسم ضد الأنسولين، ويصبح أكثر حساسية، مما يسمح له بنقل الجلوكوز من مجرى الدم إلى الخلايا بشكل أكثر كفاءة، إلى جانب إنه يساعد على الحفاظ على مستوى السكر في الدم بشكل ثابت ومنع طفرات مستواه.

كما أن الصيام يحفز هرمون النمو «HGH» الذي له دور فعال في التمثيل الغذائي وخسارة الوزن وتقوية العضلات. وقد أثبتت دراسة علمية أن الصيام لمدة يومين كفيل بمضاعفة هرمون «HGH» إلى 5 مرات من الكمية المعتادة. كما أنه مع الصيام لفترة طويلة يصبح الإنسان قادرا على التحكم في الشهية، ويصبح الجسم قادرا على التخلص من المواد السامة.

ومن الضروري بعد الصيام اختيار الطعام المتوازن الغني بالخضروات والفواكه واللحوم الصحية، والابتعاد عن الأطعمة الدسمة الغنية بالسعرات والمفتقرة للفيتامينات والمعادن، لا بد أيضا من شرب الماء بكثرة لتجنب الجفاف وللحصول على الفائدة في التخلص من السموم، لذلك إذا اقترن الصيام بنظام غذائي متوازن ونمط حياة رياضي وصحي يمكن أن يستفاد من آثاره على الصحة.

لا شك في دور الصيام الفعال المعنوي والنفسي على الإنسان، فنماذج الصيام موجودة في معظم الأديان وعلى رأسها ديننا الإسلامي، إذ لم يقتصر الصيام في ديننا على شهر رمضان الكريم، بل من السنة صيام يومي الاثنين والخميس وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، كذلك صيام الستة من شوال والتسعة الأيام الأوائل من شهر الحج وصيام يوم عاشوراء، كل ذلك كفيل بتبيان ضرورة الصيام ودوره الصحي على جسم الإنسان، فلتكن عادة صحية يعقبها كثير من المنافع.

DrNoorHakim@