عبدالله المزهر

مختصر الأسبوع (22.5.20)

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الخميس - 21 مايو 2020

Thu - 21 May 2020

هذا آخر مقال في شهر رمضان، سأغيب بضعة أيام، وأتمنى حين يكتب لي أن أعود إلى الكتابة أن أكتب مقالا عن أيام كورونا الغابرة التي انتهت وولت إلى غير رجعة، وأن يكون الناس متزاحمين في الطرقات يذهبون إلى أعمالهم ويضحكون ويشتمون بعضهم البعض كما في الأيام الخوالي.

اشتقت إلى الناس وإلى الزحام وإلى كل الأشياء التي كنت أشتكي من وجودها في الحياة.

ثم إن هذا ملخص ما كتبته في أسبوع مضى:

• تفهمك كمواطن للإجراءات التي تلجأ إليها الدولة لمعالجة أزمة، أو حل مشكلة، وإيمانك وثقتك بمن يتولى الأمر، وعدم لجوئك لمقارنات مع دول عدد مواطنيها لا يتجاوز عدد سكان الحي الذي تسكنه، لا يعني أن تنظر إلى أرقام المعيشة المرتفعة والضرائب كعاشق يشاهد اسم حبيبته يظهر فجأة في هاتفه بعد طول فراق.

• أتمنى أن تكف الأعمال الخليجية عموما والسعودية بشكل خاص عن فكرة «توجيه الرسائل»، لأنها في المحصلة النهائية تبدو رسائل مسيسة ومضحكة ومباشرة بما لا يليق بعمل فني، نريد أن نشاهد أعمالا فنية مبهرة في كل مقومات العمل الفني، قصة أو رواية عظيمة سيناريو يحترم عقل المشاهد، أداء مقنع من الممثلين، إخراج يستحق ما يدفع في هذه الأعمال من أموال، ثم لتكن القصة عن حياة البطاريق في القطب الجنوبي، أو عن قصة بائع خضار في فنزويلا، لسنا مهتمين بالرسائل ولستم أهلا لتوجيهها.

• لو تحدث المسلسل عن قصص من حياة «البدون» لوجد من المعاناة ما يمكن أن يجعل القديرة حياة الفهد تلتصق بجدران موقع التصوير إلى الأبد وهي تبكي، بل إن أداء كثير من طاقم العمل سيكون أكثر إقناعا لأن بعضهم من هذه الفئة.

وبدت لي الصورة النهائية في هذه النقطة مضحكة حين يجسد ممثل معاناة غير حقيقية لآخرين من باب حرية التعبير والفن، ولكنه لا يستطيع تحت سقف هذه الحرية أن يجسد معاناته هو شخصيا.

• لدي نظريتي ـ التي لم تسر بها الركبان ـ والتي أريد أن أضع بها حدا للجدل في موضوع تعريف الكائن البشري والفارق بينه وبين الكائنات الأخرى، فقد ثبت أن «التفكير» ليس الفارق، فبعض الدواب لديها من الحكمة والرزانة والعقل ما يفوق كثيرا من الكائنات البشرية، وبعض البشر كالأنعام بل هم أضل سبيلا، وحتى الكلام واللغة ليسا فارقا، وكل ما في لأمر أننا «لا نفقه حديثهم» وهم لا يفعلون.

الفارق الرئيسي والجوهري بين الإنسان وبقية المخلوقات الأخرى هي أن الإنسان هو المخلوق الذي يشتري الأشياء، ولذلك لن يكون عصر ما بعد كورنا مقلقا إلا للإنسان.

• أحاول التأقلم مسبقا وأعمل على التخلي عن كثير من الكماليات وبعض الضروريات، لكن المشكلة التي تواجهني هو أنني لم أستطع أن أحدد بشكل دقيق ما هي الضروريات وما هي الكماليات، فمن مساوئ عصر ما قبل كورونا أن الأمرين تداخلا بشكل غريب حتى أصبح التفريق بينهما يكاد يكون مستحيلا.

• وأنت تقرأ هذا المقال فإنك لسوء حظك وحظ كاتبه لستما بمعزل عن كل هذا، وأنتما معا تواجهان سيلا من الأخبار لا قبل لكما بها، وتحلم كما يفعل كاتب المقال أن يكون التباعد بين الإشاعات والحقائق، لأنهما يختلطان ويسيران جنبا إلى جنب بطريقة تجعل عدوى إحداهما تنتقل إلى الأخرى أسرع مما يفعل الفيروس سيئ السمعة.

agrni@