جبريل العريشي

دور التكنولوجيا في مواجهة جائحة كورونا

الثلاثاء - 12 مايو 2020

Tue - 12 May 2020

نحسب أن وزارة الصحة في المملكة قد وُضعت في أصعب اختبار يمكن أن تواجهه إحدى الوزارات على الإطلاق، بعد أن فرضت عليها جائحة كورونا أن تقوم بإتاحة البيانات الدقيقة والشفافة لصانعي القرار، وذلك باعتبارها واجهة الدولة المسؤولة عن محاصرة انتشار كورونا، والمصدر الرئيس للمعلومات والبيانات التي تتخذ كأساس لوضع السياسات واتخاذ القرارات.

ولعل هذه الجائحة قد أبرزت ما يمكن أن تحققه التكنولوجيا لمواجهة التحديات التي تواجه عمليات جمع البيانات الطبية الميدانية، والتحقق من دقتها، ثم تجميعها ومعالجتها. وكذلك ما يمكن أن تحققه عمليات الأتمتة، سواء على مستوى المديريات الصحية وإداراتها، أو في المستشفيات العامة والخاصة ومراكز الرعاية الصحية والعيادات، بشأن إتاحة البيانات وتفسيرها في الوقت الفعلي، بما يمكن من اتخاذ القرارات في الوقت المناسب. وما أكثر القرارات الصعبة التي اتخذت بناء على تلك البيانات والتفسيرات.

لقد شاهدنا كيف كانت التكنولوجيا هي المطية الرئيسية التي استخدمتها العديد من دول العالم في مواجهة الجائحة. فقد استُخدمت الروبوتات للكشف عن الحالات المصابة بكورونا وتسجيل تقرير عن كل حالة، كما استُخدمت لتوصيل الطعام والدواء للمرضى الخاضعين للحجر الصحي، ولرش المواد المطهرة في الأماكن الموبوءة، ولاكتشاف المصابين بالحمى لتحذيرهم.

واستُخدمت السيارات ذاتية القيادة بواسطة شركات التجارة الالكترونية لتوصيل الأدوية إلى المستشفيات، وكسيارات إسعاف بواسطة الأطقم الطبية لنقل المرضى.

واستخدمت الطائرات بدون طيار (درونز) لتحذير السائرين في الشوارع من خطر كورونا وتعريفهم بإجراءات الوقاية، ولرش مواد مطهرة لتعقيم الأماكن الموبوءة، ولنقل البضائع إلى تلك الأماكن، حيث يمكن للطائرة الواحدة أن تحمل طنا منها، كما زودت بتقنيات تقوم بعمل مسح لدرجة حرارة السائرين في هذه الأماكن وتمييز الأشخاص ذوي الحرارة المرتفعة، واستُخدمت الطباعة ثلاثية الأبعاد في بناء الغرف المستقلة لعزل المرضى، حيث يجري بناء الغرفة الواحدة بمساحة 10 أمتار خلال ساعتين فقط.

واستُخدمت تقنية تحليل البيانات الكبيرة لاقتفاء أثر الدوائر المخالطة للشخص المصاب، بحيث يتم الوصول إليهم بسرعة ودقة بالغتين لاتخاذ الإجراءات الوقائية المقررة لكل منهم، حسب الدائرة التي يقع فيها بالنسبة للمصاب.

واستُخدمت تقنيات الإبصار الحاسوبي computer vision مع شاشات للكشف الجماعي عن درجة حرارة الأشخاص في محطات القطارات وأماكن التجمعات، بحيث تظهر صورة كل شخص ومعها درجة حرارته على الشاشة. وغير ذلك كثير.

إننا إن لم ننتهز فرصة هذه الجائحة لتصحيح المسارات، فإننا نكون قد انهزمنا مرتين أمام فيروس كورونا، مرة بما أحدثه فينا من إصابات طالت كل جوانب الحياة، وأخرى حين عجزنا عن استغلال جو الأزمة كمنطلق لمنظومة تصحيحية على الأصعدة كافة. ونرشح استخدام التكنولوجيا لرفع دقة البيانات الحكومية، لكي يحتل المركز الأول في هذه المنظومة.

[email protected]