عبدالله محمد الشهراني

الطيران بعد كورونا.. التاريخ السعودي يعيد نفسه

الأربعاء - 22 أبريل 2020

Wed - 22 Apr 2020

مما لا شك فيه أنه أصبح معروفا لدى الجميع حجم التأثير الذي أحدثته جائحة كورونا على قطاع الطيران، (حاست القطاع عالميا وجابت العيد فيه)، باختصار (صفّرت) إيرادات القطاع. هذا ما حدث الآن خلال فترة الجائحة. وعلى العموم فإن قطاع الطيران في العالم أجمع (يدخل الإيرادات في جيب ويصرفها مباشرة من الجيب الآخر)، بمعنى أنه ليس بالقطاع المربح كثيرا. يقول ريتشارد برانسون «إذا أردت أن تكون مليونيرا، فابدأ بمليار دولار وأنشئ شركة طيران».

وفي انتظار زوال الجائحة وضمان سلامة الرحلات، دعوني أطرح عليكم وجهة نظري لمستقبل صناعة السفر بأسلوب مبسّط: بداية دعونا نتفق على تحديد أنواع السفر، يأتي في المقدمة السفر للضرورة «زيارة الوالدين، العلاج، التوظيف، التعليم.. إلخ»، ثانيا رحلات العمل «حضور اجتماع، توقيع اتفاقيات، المشاركة في ندوات.. إلخ»، ثالثا السفر من أجل السياحة، رابعا - وهو خاص بالمملكة - ولسبب حجمه الكبير صنّف مستقلا وهو الحج والعمرة.

عالميا أعتقد أن النوع الأول هو الوحيد الذي سوف يعود كما كان بحكم الضرورة، أما النوع الثاني «رحلات العمل» فقد صدرت القرارات على المستويين الحكومي والخاص بإلغاء أغلب رحلات العمل وأن تكون في أضيق الحدود وحسب، ومع تطور التقنية خاصة بعد خوض أغلب الناس تجربة التواصل الالكتروني «المرئي والسمعي»، فسوف يصبح هذا النوع من السفر مستقبلا محدودا جدا، وهذا يعني اختفاء حصة من السوق ليست بالبسيطة. ثالثا وبسبب الوضع المادي للأفراد سوف تتراجع نسبة السفر من أجل السياحة بشكل كبير أيضا. رابعا، لا أعتقد أن هناك تأثيرا سوف يطال سوق الحج، فالقوائم كبيرة والطوابير طويلة، لكن فيما يخص العمرة - الرقم الأكبر - أعتقد أنها هي الأخرى سوف تتأثر سلبيا بتأثر الوضع المادي للأفراد في الدول الأكثر زيارة للمملكة «إندونيسيا، مصر، بنجلاديش، باكستان».

هذه القراءة وإن كانت منطقية إلى حد ما، فسوف نتغلب عليها محليا من خلال عاملين، أولا الدولة ما زالت في مرحلة تنفيذ رؤيتها الطموحة، والتي حولت المملكة إلى «قبلة» للمستثمرين ورؤوس الأموال، هذا الحراك الاقتصادي والمشاريع الكبيرة وتفعيل دور المملكة اللوجستي - في المنطقة والعالم - سوف يقاوم التأثير السلبي الذي سوف يحل بالنوعين الثاني والثالث من أنواع السفر «رحلات العمل والسياحة».

أما السبب الثاني والأهم، فهو أن الدولة تعي أهمية قطاع الطيران، والتاريخ قد طرّز مجهوداتها في هذا القطاع بالذهب منذ تأسيس الدولة، ففي العام نفسه الذي تسلم فيه جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله «الداكوتا» هدية الرئيس روزفلت، قرر شراء مزيد من الطائرات لما لمسه من فوائد كبيرة للطيران.

دولة جعلتنا ننتقل مباشرة من الجمل إلى الطائرة متجاوزين السيارة، مستشعرة ضرورة ربط مناطق المملكة بالوسيلة الأسرع ومقدرة أهمية التواصل مع العالم، حتى أصبح الطيران في فترة من الزمن متقدما على جميع القطاعات محليا ومتفوقا على نظرائه عالميا. هذه الدولة العظيمة وبكل تأكيد سوف تدعم هذا القطاع وسوف تحافظ على مكتسباته التي حققتها خلال أكثر من 75 عاما.

إلى قطاع الطيران.. التاريخ السعودي العظيم يعيد نفسه.

ALSHAHRANI_1400@