سمر محمد السقاف

فسيفساء الاتزان في زمن الكورونا

الأربعاء - 15 أبريل 2020

Wed - 15 Apr 2020

وأخيرا أصبحنا نشعر بجملة «وقت الفراغ» تلك العبارة الذي لا يعرفها كثير منا، بل بالكاد يسمع عنها فقط دون أن نشعر بمعناها، اليوم نعيشها قهرا وجبرا وبكامل تفاصيلها.

في ظل الحجر المنزلي المفروض علينا بسبب الوباء العابر للقارات «كورونا»، ها نحن نتكيف مع الوضع العالمي للجائحة تحت رعاية وظل الجهود المميزة التي تتبعها دولتنا الحبيبة، وتحت حكم القيادة الرشيدة للملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وولي عهده الأمين الأمير الشاب محمد بن سلمان رعاهم الله.

ووسط تلك الحرب الضروس التي تقودها بلادنا للحد من آثار الوباء أصبح عملنا في عالم افتراضي يقتصر على التعليم والعمل عن بعد، بل أكاد أجزم أنه أصبحت لدينا علاقة وطيدة مع ما يسمى بالفراغ والوقت الكافي لتصفح شبكات التواصل الاجتماعي والاستفادة من قراءة المقالات والاستماع لفيديوهات الكتب المسموعة.

بالأمس أثناء التصفح وقع بين يدي بالصدفة فيديو لإحدى الأخوات، وهي مختصة في مجال العلاقات الأسرية كانت تتحدث عن علامات حب الرجل للمرأة. شدني الطرح دون أن أدرك الأسباب، وبدأت أستمع إليها بكل إنصات، وفي منتصف الحديث راودتني بعض الأسئلة وبدأت أتساءل: هل هذه العلامات علامات حب أم علامات امتلاك؟

نعم أصبحت في حيرة من أمري، فماذا قالت المختصة عن ذلك الحب الأسطوري!

قالت: أن يخاف عليك جدا، أن يغار عليك دائما، أن يحب تفاصيل حياتك، أن يكون لديه الفضول عن تفاصيلك اليومية، ماذا أكلت! أين ذهبت! أن يطمئن عليك في كل لحظة من يومك، وينشغل بأخبارك ويهتم بالتفاصيل المثيرة لحياتك، ويتأكد أن لا شيء على الإطلاق يكدر صفوك، ويهتم بأدق ما تحبين أو تكرهين، وأن يركز في كلامك ليعرف تفاصيل صغيرة لم تعط لها بالا ليفاجئك باهتمامه بها! أن يكون كريما شهما في العواطف والاحتواء والحنان والمال، أن تكون سلامتك الشخصية من أولوياته، يشعرك دائما أن سعادتك هي كل أمله وطموحاته في الحياة، أن يكون لديه خطة طويلة الأمد لحياتك‏ معه، كل ذلك يجب أن يتوفر في الرجل لتتيقني من حبه! هكذا كانت وجهت نظر المختصة. وانتهى كلام المختصة هنا!!

وأستطيع أن إقول ومن خلال قراءتي المستفيضة لكتب العلاقات الإنسانية، ومن خلال خبراتي الشخصية للتعامل مع كثير من المشاكل الأسرية؛ أقول لك ولها: عفوا أيتها المختصة! سيدتي أنت تبالغين نوعا ما في الإفراط في الطلبات، وهذا الرجل الأسطوري الذي تنشدينه غير موجود إلا في مخيلة المراهقات أو من يطلق عليهن بالأميرات الحالمات، لن تجدي تلك الصفات إلا بين دفتي الكتب وعند الرواة وأحلام العاشقات، وذلك قبل أن تلفحها صفحة الحياة.

ولست هنا أمزج الواقع بالخيال كما تطلبين أيتها المختصة، بل من خلال الخبرة في معترك الحياة

أستطيع أن أقول: الرجل يا سيدتي مثل الطفل الكبير يحتاج إلى كثير من الدلال ليعطيك كثيرا من الاهتمام.

يجب أن تكون المعادلة متساوية، لا نطلب من الآخرين أكثر مما يستطيعون فعله، ولا ننتظر فقط من الآخرين العطاء والاهتمام في حين لا نبادر نحن بالعطاء والاهتمام. اعلمي ذلك جيدا، وأتمنى ألا تكون كلماتنا سببا لتعيش الفتيات في ظل انتظار حلم الرجل الكامل وفارس الأحلام الذي لا يأتي أبدا!

فليس هكذا تستقيم الحياة، يجب أن نعيش في حالة اتزان مع الجميع، ولعلي أهمس في أذني كل فتاة وأقول: لن يستطيع أحد أن يحبك كما تحبين نفسك، ومشاغل الرجل‏ في حياته تبعده عن كثير من تلك التفاصيل، فهل هذا معناه أنه لا يحبك!

أتمنى أن نتعلم التوازن في مشاعرنا، ربما أتفق مع المختصة في شيء واحد كقاعدة أنثوية تشترك فيها كل النساء، وهي أن كثيرا من الاهتمام يولد الحب، وقلة الاهتمام لدرجة الإهمال تقتل الحب، فالمرأة تحب الكلام الجميل والرجل الشاعري الرومانسي بطبعه.. تلك قاعدة المرأة.

لذا على الطرفين مراعاة بعضهما البعض بشكل متوازن، وبحكم الاتزان هناك قاعدة للرجل كما هي المرأة، الرجل أيضا يحب أن يرى الابتسامة على وجه الأنثى مقابل ما يفعله ويقدمه، فقط ابتسامة وامتنان. الرجل يحتاج أن يشعر بالأنوثة أولا، وأرسلي له إشارة أنك سعيدة فهذا غاية أمله وسعيه في الحياة!

فلنعش الاتزان في حياتنا وليحاول الزوجان التكيف وتقبل الآخر، وليس تغيير كل منهما الآخر! وأن سر بناء علاقة ناجحة يكمن في أن يربح الشريكان معا.

أنا التي عرفت قيمة الزوج والحبيب أقول لكم: اعرفوا مقدار النعم قبل أن تفقدوها.

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال