نور عادل حكيم

هل لقاح السل يحمي من كورونا؟

الثلاثاء - 14 أبريل 2020

Tue - 14 Apr 2020

تراودنا الشكوك حول التفاوت الظاهر في عدد حالات الإصابة بمرض كورونا المستجد وحالات الوفاة في مختلف دول العالم، وهل يرجع ذلك التفاوت إلى الاحتياطات الاحترازية وسرعة الاستجابة لها فقط؟ أم إن هنالك أسبابا أخرى!

في بداية انتشار الوباء كان الاختلاط واستخدام وسائل المواصلات والنقل العام وعدم مراعاة قواعد السلامة الصحية في المجتمعات المتقدمة هي ما نعلل به هذا التفاوت، وإن كان صحيحا، فماذا عن اختلاف عدد الوفيات الواضح والمرتفع جدا في بعض الدول؟

هذا ما أشارت إليه دراسة حديثة صدرت أول أبريل الحالي تشرح سبب اختلاف نسبة الإصابة بمرض كورونا المستجد بين دول العالم، وكذلك نسبة الوفيات، حيث قارنت بين عدد من الدول ودرست أثر الوباء عليها، مستنتجة أن هذا التباين يرجع إلى طبيعة اختلاف سلوكيات المجتمعات التي تستلزم بعضها قواعد التطعيم ضد مرض السل منذ الطفولة، حيث إن الدول المتقدمة التي لا تستلزم التطعيم ضد مرض السل (الدرن الرئوي) منذ الصغر كأمريكا وإسباني وكندا وهولندا، يتضاعف عدد حالات الإصابات فيها وكذلك عدد الوفيات إلى أكثر من 10 مرات، مقارنة بالدول النامية التي تستلزم التطعيم منذ الطفولة كالسعودية والإمارات وروسيا والهند.

ومن أسباب عدم التزام تلك الدول بسياسة الصحة العالمية وتطبيق لقاح السل، انخفاض خطر الإصابة بها، الذي يتطلب استيفاء معايير محددة كما أشار مركز مكافحة الأمراض والوقاية. أما الدول التي لديها بدايات متأخرة في تطبيق سياسات لقاح السل كإيران مثلا، فكان عدد الوفيات فيها مرتفعا أيضا بسبب أن اللقاح لم يحظ به الأشخاص المسنون منذ الصغر.

وترجع أهمية مراعاة التحصين بلقاح السل في المملكة إلى قربها من تلك الدول التي شهدت آثارا عالية بأمراض السل، مثل دول جنوب شرق آسيا وأفريقيا، ويستخدم اللقاح كتحصين رئيسي للرضع حديثي الولادة.

ويسمى اللقاح ضد السل (BCG) bacille Calmette-Guerin نسبة للعالمين اللذين اكتشفاه، ويصيب الرئتين وله أعراض وطرق عدوى مشابهة لكورونا المستجد، ومن المثبت علميا أنه توجد دراسات عديدة سابقة تثبت أن اللقاح على الرغم من أنه بكتيري إلا أنه يقوي المناعة ضد العدوى الفيروسية لأمراض مختلفة، وكذلك ضد مرض السرطان.

وأشارت الدراسة الحديثة إلى أن اللقاح يعطي حماية من التهابات الرئة، ويقوي المناعة ضد كورونا المستجد، ويقلل من ضيق التنفس الذي يسبب الوفاة، وهذا لا يعني أن كل من أخذ اللقاح لديه مناعة ضد مرض كورونا، حيث إن اللقاح نفسه يمنع مرض السل بنسبة 20% ويعطي حماية ومقاومة بنسبة 50%.

وليس صحيحا أن من لم يحظ باللقاح من الصغر سيستفيد من أخذه الآن، حيث إنه لا توجد أي دراسة علمية تثبت مفعول اللقاح ضد كورونا المستجد، كما أن اللقاح يحفز الجسم على إنتاج الأجسام المضادة منذ سنوات مبكرة.

يذكر أنه توجد دراسة أمريكية حاليا تختبر مدى فعالية لقاح مرض السل على العاملين في الرعاية الصحية، والذين لديهم نسب عالية من خطورة الإصابة بكورونا وستجري مراقبة مدى فعالية اللقاح. الدراسة حتما تعطي الأمل بوجود لقاح ضد مرض كورونا (ولو طال انتظاره)، وعلى الرغم من ظهور أنواع عدة من فيروس كورونا من قبل إلا أنه بسبب تطلّب الأبحاث السريرية مدة طويلة لظهور التأثير والنتائج، فقد تعثر اكتشاف اللقاح ضد هذا النوع من الفيروس الوبائي في السنوات السابقة.

وفي ظل النتائج والأبحاث، نشير إلى أهمية الالتزام باللقاحات والتطعيمات، وتذكير الآباء والأمهات بضرورة الالتزام بجدول التطعيمات للأطفال ومتابعتها. نسأل الله أن يحفظنا جميعا من كل سوء.

DrNoorHakim@