جبريل العريشي

دور الإنسان في تحقيق التحول الرقمي للمؤسسات

الخميس - 09 أبريل 2020

Thu - 09 Apr 2020

تتطلع رؤية المملكة 2030 إلى دعم التحول الرقمي في المؤسسات العامة والخاصة. والتحول الرقمي المقصود ليس مجرد وسم المنتجات والمشروعات بأنها رقمية، أو إنشاء معامل رقمية، أو إنتاج تطبيقات حاسوبية ذات واجهات استخدام جديدة. فهذه الأنشطة هي مجرد قشور في سطح التحول الرقمي.

أما التحول الرقمي الحقيقي، فينطوي على تطويع التقنيات الرقمية للتأثير بشكل أساسي على جميع جوانب الأعمال في المؤسسة، بحيث تيسر لمنسوبيها أداء مهامهم، وتطلق في الوقت نفسه إبداعاتهم. فالتركيز فيه يكون على أساليب العمل وليس على التقنيات.

التقنيات بالطبع لها تأثير كبير على كيفية إنجاز الأمور، فالذكاء الاصطناعي، وسلسلة الكتل، وإنترنت الأشياء (IoT) - هذه كلها ابتكارات حيوية تجبر الناس على تغيير طريقة عملهم. ولكن ما يزال العنصر البشري هو القادر على إحداث التغيير بصورة مستدامة.

لذا، تدرك المؤسسات الناضجة رقميا أن التحول الرقمي لا يقتصر على الأمور التقنية، وإنما يعتمد في الأساس على العنصر البشري: الثقافة السائدة من جانب والقيادة من جانب آخر. ومن ثم فإنها تضع استراتيجيات لا تقتصر على المخططات التقنية، ولكن تستهدف تغيير ثقافة الموظفين من خلال التدريب المكثف الذي يواكب عملية التحول.

وبالنظر إلى رؤية المملكة 2030، نجد أنها لم تغفل ذلك، فهي تستهدف تقديم الدورات التدريبية لتطوير المهارات والمواهب، وإلى رفع إنتاجية الموظف وكفاءته إلى أعلى مستوى، عبر تطبيق معايير إدارة الأداء والتأهيل المستمر، وبناء منصات رقمية للمهمات الأساسية المشتركة.

وعلى الجانب الآخر، كانت نتائج التحول الرقمي في بعض الأحيان مخيبة للآمال، وكان السبب الرئيس لذلك هو التركيز على التكنولوجيا باعتبارها العنصر الرئيس في هذا التحول، وإهمال البشر على نطاق واسع في أماكن العمل، والنظر إليهم باعتبارهم عناصر إضافية أو احتياطية، تستدعى فقط للقيام بإنجاز المهام التي لم يستطع التحول الرقمي أن يضعها ضمن تطبيقاته وحلوله.

ثم تأتي بعد ذلك عديد من العوامل الأخرى التي تم رصدها وكانت سببا في عدم تحقيق النتائج المرجوة، فالإمكانات التي أتاحها التحول الرقمي لم يتم تسخيرها بالكامل، والمديرون كانوا مترددين للغاية عند اتخاذ القرارات التي تخصه، والتحول نفسه كان يحدث ببطء شديد، إما بسبب عدم حماس الموظفين له، أو بسبب عدم قدرتهم على مواكبة متطلباته.

وفي بعض الأحيان كان يُتوقف عن مسار التحول الرقمي عند مقابلة الصعوبات المعتادة عند التنفيذ، بسبب عدم وجود إصرار على تجاوزها، وكلها أعراض لعدم وجود قائد الأعمال القادر على نشر التعاون وتشجيع الإبداع وتحقيق التحول الرقمي الحقيقي.

ولم يغب ذلك عن رؤية المملكة 2030، فنجد أنها تتضمن وضع سياسات لاكتشاف قادة المستقبل وتمكينهم، كما تعمل على تأسيس قاعدة من المواهب والكفاءات البشرية ليكونوا هم قادة المستقبل.